فأبى ثم سأله أن يلقيها في مجلسه حيث يراها ، فحمل فاحتمل المأمون الرقعة فإذا فيها :
هذا كتاب فتى له همم |
|
ألقت إليك رحاه هممه |
على الزمان يدي عزيمته |
|
وهوت به من حالق قدمه |
وتواكلته ذوو قرابته |
|
وطواه عن أكفانه عدمه |
أفضى إليك بحاله قلم |
|
لو كان يعلمها بكى قلمه |
فلما قرأها المأمون أطال النظر فيها فقال يحيى بن أكثم : إنك لتطيل النظر في هذه يا أمير المؤمنين فقال المأمون هذه الأبيات :
يا ليت يحيى لم تلده أكثمه |
|
ولم تطأ أرض العراق قدمه |
|
أي يراها لم يلقها قلمه
وأذن لحفصوية وأمر له من مال أبي عباد الكاتب بمائتي ألف درهم ، ومن مال زيد بن زبير (١) بمائة ألف درهم. فسأله أبو عباد أن يتجافى له عن مائة ألف ويأخذ مائة ألف فامتنع وهجاه فقال (٢) :
أول (٣) الأمور بضيعة وفساد |
|
أمر تقلّده (٤) أبو عبّاد |
يسطو على جلسائه بدواته |
|
فمرمّل ومضمّخ بمداد (٥) |
وكأنه من دير هزقل مفلتا (٦) |
|
حردا يجر سلاسل الأقياد |
فاشدد أمير المؤمنين وثاقه |
|
فأصحّ منه يشد (٧) بالحداد |
ثم سأله زيد أن يتجافى له عن بعض ما أمر به فأبى وهجاه فقال :
__________________
(١) كذا ، وسيأتي «خنزير».
(٢) الأبيات في الوافي بالوفيات ١٠ / ٤٧٣ منسوبة إلى دعبل الخزاعي. وهي في ديوانه ص ١٨١ وانظر تخريجها فيه.
(٣) في الديوان : أولى.
(٤) الديوان : يدبره.
(٥) البيت في ديوان دعبل :
يسطو على كتّابه بدواته |
|
فمضمّخ بدم ونضح مداد |
(٦) الديوان : مفلت حرد.
وبالأصل : «وكأنه من يرهم قل» كدا والمثبت عن الديوان ، وهزقل دير مشهور بين البصرة وعسكر مكرم.
(٧) الديوان : بقية الحداد.