أتيت (١) بصحبك تبغي القرى |
|
لذي حفرة صخب هامها |
تبغّي لي الذنب عند المبيت (٢) |
|
وحولك طيّىء وأنعامها |
فإنا (٣) سنشبع أضيافنا |
|
ويأتي المطي فنعتامها |
وقال أيضا مثل قوله الأول وهو قوله :
ما تخاطب من رمّة قد بليت |
|
وأجنّهم الليل فنوموا |
قال : وإذا ناقة صاحب القول تكوس (٤) عقيرا فنحروها ، وباتوا يشتوون ويأكلون ، فقالوا : والله لقد أضافنا حاتم حيا وميتا.
قال أبو مسكين عن ياسين بن بسطام قال : حقق هذا الحديث عند العرب قول ابن دارة الغطفاني : وأتى عدي بن حاتم ليمتدحه فقال له : أخبرك بما لي ، فإن رضيت فقل. قال : فما مالك؟ قال : مائتا صائية (٥) وعبد وأمة وفرس وسلاح ، فذلك كله لك إلّا الفرس والسلاح ، فإنهما في سبيل الله تبارك وتعالى ، قال : قد رضيت قال : فقل : فقال ابن دارة :
أبوك أبو سفّانة الخير لم يزل |
|
لدن شبّ حتى مات في الخير راغبا |
به تضرب الأمثال في الشعر ميتا |
|
وكان له إذا كان حيا مصاحبا |
قرى قبره الأضياف إذ نزلوا به |
|
ولم يقر قبر قبله الدهر راكبا |
وأصبح القوم وأردفوا صاحبهم وساروا ، فإذا رجل ينوّه بهم راكبا على جمل يقود آخر ، فقال : أيكم أبو البختري؟ قال : أنا ، قال : إنّ حاتما أتاني في النوم فأخبرني أنه قرى أصحابك ناقتك ، وأمرني أن أحملك ، وهذا بعير فخذه فدفعه إليه ، انتهى.
__________________
(١) البيت في الديوان :
فما ذا أردت إلى رمة |
|
بدوّيّة ، صخب هامها |
(٢) الديوان والأغاني : تبغي أذاها وإعسارها.
(٣) الديوان :
وإنا لنطعم أضيافنا |
|
من الكوم بالسيف نعتامها |
(٤) تكوس ، يقال : كاس البعير إذا مشى على ثلاث قوائم وهو معرقب (اللسان : كوس).
(٥) صائية : الصائي هو كل مال من الحيوان مثل الرقيق والدواب (اللسان : صأي).