وبغى في الأرض فسادا؟ قال : (أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ ، أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) (١) ، قال : فإن تاب ، قبل أن تقدر عليه؟ قال : تقبل توبته؟ قال : فإنه والله حارثة بن بدر فأتاه به فأمنه. وكتب له كتابا ، انتهى.
أخبرنا أبو بكر بن شجاع ، أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق ، نبأنا الحسين بن محمد بن أحمد المديني ، نبأنا عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي ، حدثني الفضل بن إسحاق ، نبأنا أبو أسامة أخبرني أبو خالد ، نبأنا أبو عامر قال : كان حارثة بن بدر التميمي من أهل البصرة قد أفسد في الأرض وحارب ، فكلم الحسن بن علي وابن عباس وابن جعفر وغيرهم من قريش فكلموا عليا فأبى أن يؤمنه ، فأتى سعيد بن قيس الهمداني في داره ، فكلّمه ، فانطلق سعيد بن قيس إلى علي وخلفه في داره ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ما تقول فيمن أفسد في الأرض وحارب ، فقال : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) حتى ختم الآية ، فقال سعيد : أرأيت إن تاب قبل أن تقدر عليه ، قال : أقول كما قال الله تبارك وتعالى وأقبل منه. قال : فإن حارثة بن بدر قد تاب قبل أن تقدر عليه ، فأتاه به وأمنه وكتب له كتابا. فقال حارثة أبياتا من شعر :
ألا أبلغن همدان ما لقيتها |
|
سلاما فلا يسلم عدو يعيبها |
لعمر إلهي إن همدان تبغي الإ |
|
له ويقضي بالكتاب خطيبها |
لنا نسعة كانت نفيسة فروعها |
|
فقد بلغت إلّا قليلا خلوفها |
شيب رأسي واستخف حمل |
|
مهاد عود المنايا حولنا وبروقها |
وأنا لتستحلي المنايا نفوسنا |
|
وننزل أخرى مرة ما نذوقها |
قال العتبي : فحدثت بهذا ابن جعفر فقال : كنا أحق بهذه الأبيات من همدان.
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمد الأزدي الأموي (٢) : أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي ، نبأنا أبو الأسود الخليل بن أسد ، نبأنا العمري عن العتبي قال : أجرى الوليد بن عبد الملك الخيل وعنده حارثة بن بدر الغداني وهو حينئذ في ألف وستمائة دينار من العطاء ، فسبق الوليد ، فقال حارثة : هذه فرصة فقام إليه فهنّاه ودعا له دعاء أحسن فيه فقال :
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ٣٢.
(٢) الأغاني ٨ / ٣٩٦.