كما قلنا في المصادر الصائرة أسماء أفعال ، ولا محل لها كتلك المصادر لقيامها مقام ما لا محل له ؛
ووراءك ، أي تأخر ، وأمامك أي تقدم ، أو احذر من جهة أمامك. ويجوز أن يقال : هما باقيان على الظرفية ، إذ هما لا ينصبان مفعولا كعندك ، ولديك ، فيكون التقدير : استقرّ وراءك وأمامك ، وكذا مكانك ، أي : الزم مكانك ؛
ويقال : عليك زيدا ، أي خذه ، كأن الأصل : عليك أخذه ؛ ويقال : إليك عني ، والأصل : ضمّ علقك (١) إليك ، وتنحّ عني ، فاختصر كما ذكرنا ؛
وسمع أبو الخطاب ، (٢) من قيل له : إليك فقال : إليّ ، أي أتنحّى ، فهو خبر ، شاذ ، مخالف لقياس الباب ، إذ قياس الظروف وشبهها أن تكون أوامر (٣) ، فلا يقال : عليّ ودوني ، قياسا عليه ؛ وأمّا عليّ بمعنى أولني أي أعطني ، فهو مخالف للقياس من وجه آخر ، إذ هو أمر ، لكن الضمير المجرور به في معنى المفعول ، يقال : عليّ زيدا أي : قرّ بنيه والقياس أن يكون المجرور فاعلا ؛
وسمع الأخفش : على عبد الله زيدا ، أي قرّبه إياه ، وهو أشذّ من : عليّ ، لجرّه المظهر ؛
والكسائي يجوّز انجراره (٤) بجميع ظروف المكان وحروف الجر ، قياسا ، وغيره يقصره على السماع ، وهو الوجه ؛
ويجوز تأكيدا الضمير المجرور البارز في هذه الظروف وشبهها بالجرّ (٥) نحو : عليك
__________________
(١) يعني متاعك وقد شرح المثال قبل ذلك بمثل هذا ،
(٢) الأخفش الأكبر وتقدم ذكره قريبا ،
(٣) أي أسماء لفعل الأمر ؛
(٤) المراد : الضمير الواقع بعد هذه الظروف في مثل : دونك وأمامك ، وإليك ،
(٥) أي بجر لفظ التأكيد ، ومقابله ما سيقول من جواز رفعه على أنه تأكيد للضمير المستتر ..