قوله : «فان تعذّر أمر منها» أي أمر من الأمور الثلاثة ، وهي تصدير الموصول ، ووضع عائد إليه مقام ذلك الاسم ، وتأخير ذلك الاسم خبرا ؛
فبالشرط الأول ، وهو تصدير الموصول ، يتعذر الاخبار عن كل اسم في الجملة الإنشائية والطلبية ، لأن الصلة ، كما تقدم ، لا تكون إلا خبرية ، ويتعذر ، أيضا ، عند الكوفيين ، الاخبار بالذي عن اسم في جملة مصدّرة بالذي ، لأنهم يأبون دخول الموصول على الموصول إذا اتفقا لفظا ، أمّا قوله :
٤٢١ ـ من النفر اللائي الذين اذاهم |
|
يهاب اللئام حلقة الباب قعقعوا (١) |
فيروونه : من النفر الشمّ الذين .. ؛
والأولى تجويز الرواية الأولى ، لأنها من باب التكرير اللفظي ، كأنه قال من النفر اللائي اللائي ؛ فان تغايرا نحو : الذي من فعل ، كان أسهل عندهم ؛
قال ابن السراج : دخول الموصول على الموصول لم يجئ في كلامهم ، وإنما وضعه النحاة رياضة للمتعلمين وتدريبا لهم ؛ نحو : الذي الذي في داره عمرو : زيد ، فقولك في داره صلة «الذي» الأخير ، وعائده مستتر في الظرف ، وعمرو : خبر «الذي» الأخير ، والذي ، الأخير مع صلته وخبره صلة «الذي» الأول ، وعائد الأول : الهاء المجرور في داره ، وزيد خبر «الذي» الأول ، كأنك قلت : الذي ساكن في داره عمرو : زيد ؛
وتقول (٢) : الذي التي اللذان أبواهما قاعدان لديها كريمان عزيزة عنده حسن ؛ تبتدئ
__________________
(١) جاء هذا البيت لشاعرين : أحدهما : أبو الربيس الثعلبي وكان من اللصوص ، سرق ناقة كريمة لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب ووصفها في أبيات ومدح صاحبها ، والشاعر الثاني لم يذكروا اسمه ، وإنما روى الجاحظ في البيان والتبيين أن شاعرا قال أبياتا في أسيلم بن الأحنف الأسدي ، ولم يسم هذا الشاعر ؛ ويروى إذا انتموا بدلا من : إذا هم ، ويروى : وهاب الرجال ، ومعنى قعقعوا : دقوا حلقة الباب بقوة حتى يسمع صوتها ؛
(٢) صورة أخرى لدخول الموصول على الموصول ، وقد خرج فيها عن موضوع البحث إلى التمثيل لما نقله عن ابن السراج من دخول الموصول على موصول واحد أو أكثر ، وهي ، كما قال : نوع من الرياضة والتدريب للمتعلم ؛