ولكل وجه ان قصد دفع التدافع بين الآيتين فاو وان قصد بيان معنى الآيتين فالواو ويكون دفع التدافع حاصلا ضمنا (قوله وجبت له النار) هكذا فسر القاضى ومعنى وجبت ثبتت ولزمت اذ لا وجوب على الله تعالى عندنا ولا معنى للوجوب للعبد فيكون دخولهم النار والجنة مستفادا من التفريق ويكون محط الفائدة فى التقسيم القيد اعنى قوله تعالى (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها) فالظاهر على مذهب اهل السنة ان يفسر الشقى بمن له الشقاوة فى الجملة كفرا كانت او عصيانا والسعيد بمن له السعادة فى الجملة بان كان مؤمنا كما هو المتبادر وحينئذ يكون محط الفائدة قوله ففى النار مع قيوده (قوله الزفير اخراج النفس والشهيق رده) والمراد بهما الدلالة على شدة كربهم وغمهم وتشببه حالهم بحال من استولت الحرارة على قلبه (قوله اى سموات الاخرة وارضها) فى تفسير القاضى وفيه نظر لانه تشبيه بما لا يعرف اكثر الخلق وجوده ودوامه ومن عرفه فانما يعرفه بما يدل على دوام الثواب والعقاب فلا يجدى له التشبيه انتهى وفى قوله بما لا يعرف اكثر الخلق وجوده اشارة الى رد الاستدلال العقلى الذى ذكره صاحب الكشاف بقوله لانه لا بد لاهل الآخرة مما يقلهم ويظلهم اما سماء يخلقها الله او بظلهم العرش وكل ما يظلك فهو سماء بان كون المظل ضروريا لهم لا يستلزم معرفتهم به على انه ان سلم كون المقل ضروريا لحمل اثقالهم لا نسلم كون المظل ضروريا وان حمل السماء والارض على المظل والمقل خلاف المعنى الظاهر لا بد له من قرينة وفى قوله ودوامه ومن عرفه الخ اشارة الى رد الاستدلال النقلى الذى ذكره بقوله والدليل على ان لها سموات وارضا قوله تعالى (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) وقوله تعالى (وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) بانه انما يدل على وجود السماء والارض لها اما دوامها فلا يعرف منه وانما يعرف بدليل دوام دار الثواب فبيان دوامه بدوامها بالنسبة اليه لا يجدى نفعا (قوله ولكنه ممتد الى غير النهاية) تصريح بما علم ضمنا للاعتناء بشانه فكلمة لكن لمجرد التأكيد كما فى قولك لو جئتنى لا كرمتك لكنك لم تجئ على ما فى المغنى والاتقان (قوله فى عذاب النار) اشارة الى ان المراد بقوله ففى النار عذاب النار لا دار العقاب لقوله تعالى (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) فان اخراج النفس ورده انما يكون من حر النار واحراقه وبقوله تعالى (فَفِي الْجَنَّةِ) نعيم الجنة لقوله تعالى (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) فان المناسب له نعيم الجنة مطلقا لا مطلق الدخول فيها (قوله بمعنى ان اهل النار الخ) يعنى ان مقتضى الاستثناء من الخلود فى عذاب النار ان لا يعذبوا بها فى جميع الاوقات بل ان يعذبوا فى بعضها بعذاب آخر كعذاب الزمهرير وعذاب سخط الله وخشيته واهالته