وقول الجزولي أقرب ، لأن إعلال الكلمة بالنظر إلى نفسها أولى من حملها في العلة (١) على غيرها ، والمصنف إنما اختار حذف الكسرة لاستبعاد نقل الحركة إلى متحرك ، ولا بعد فيه ، على ما بيّنا ؛
وأمّا الاشمام فهو فصيح ، وإن كان قليلا ، وحقيقة هذا الاشمام : أن تنحو بكسرة فاء الفعل نحو الضمة ، فتميل الياء الساكنة بعدها نحو الواو قليلا ، إذ هي تابعة لحركة ما قبلها ؛ هذا هو مراد القرّاء والنحاة بالاشمام في هذا الموضع ، وقال بعضهم : الاشمام ههنا كالاشمام حالة الوقف أعني ضم الشفتين فقط ، مع كسر الفاء كسرا خالصا ، وهذا خلاف المشهور عند الفريقين (٢) ؛ وقال بعضهم : هو أن تأتي بضمة خالصة بعدها ياء ساكنة (٣) ، وهذا أيضا ، غير مشهور عندهم ، لأن الاشمام عندهم ههنا حركة بين حركتي الضم والكسر ، بعدها حرف بين الواو والياء ؛
قال المصنف : والغرض من الاشمام : الإيذان بأن الأصل الضم في أوائل هذه الحروف ، وإنما نبّهوا على الضم الأصليّ ههنا ، بخلاف نحو : بيض ، في جمع أبيض ، لأنهم قصدوا بهذا الاشمام : التنبيه على هذا الوزن المستبعد في الأسماء لتحصيل الغرض المذكور قبل (٤) ؛
فإذا سقطت العين في المبني للمفعول باتصال الضمير المرفوع ، فإن قامت قرينة ، جاز لك إخلاص الضم في الواوي ، وإخلاص الكسر في اليائي ، نحو : عدت يا مريض ، وبعت يا عبد ؛ وإن لم تقم ، نحو : بعت ، وعدت (٥) ، فالأولى أنه لا بدّ لك في الواوي من اخلاص الكسر أو الاشمام ، وفي اليائي من إخلاص الضم أو الإشمام ، لئلا يلتبس بالمبنى للفاعل ؛
__________________
(١) أي في الاعلال ؛
(٢) أي القرّاء ، والنحاة ؛
(٣) بصرف النظر عن كون عين الفعل ياء أو واوا ؛
(٤) وهو الفرق بين المبني للفاعل والمبني للمفعول ولا سيما إذا أسند الفعل إلى الضمير المرفوع كما سيبين الشارح ؛
(٥) يعني حين ينطق بذلك من وقع عليه البيع أو العيادة ؛