[استطراد]
[في تفصيل أحكام لام الابتداء]
اعلم أن هذه اللام : لام الابتداء ، المذكورة في جواب القسم ، وكان حقها أن تدخل في أوّل الكلام ، ولكن لما كان معناها هو معنى «ان» ، سواء (١) ، أعني التأكيد والتحقيق ، وكلاهما حرف ابتداء ، كرهوا اجتماعهما ، فأخّروا اللام وصدّروا «إن» ، لكونها عاملة ، والعامل حريّ بالتقديم على معموله ، وخاصة إذا كان حرفا ، إذ هو ضعيف العمل ؛ وراعوا مع تأخير اللام شيئين : أحدهما : أن يقع بينهما فصل ، لأن المكروه هو الاجتماع ؛ والآخر : أنها لما سقطت عن مرتبتها وهي صدر الكلام ، أعني المبتدأ ، أو الخبر المقدم ، أو معمول الخبر المقدم ، كما مضى في جواب القسم ، نحو : لزيد قائم ، ولقائم زيد ، ولطعامك زيد آكل ، لا تدخل (٢) بعد التأخر إلا على أحد الثلاثة ، نحو : إن من الشعر لحكمة ، وان زيدا لقائم ، وان زيدا لفي الدار قائم ، ولا تدخل على متعلّق الخبر المتأخر عن الخبر ، فلا يقال : إن زيدا قائم لفي الدار ، لئلا يبخس حقها كلّ البخس ، بتأخير ما حقه صدر الكلام عن جزأي الكلام اللذين هما العمدتان ؛
وإنما تدخل على الاسم إذا فصل بينه وبينها بظرف هو الخبر ، نحو : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى)(٣) ، أو بظرف متعلق بالخبر نحو : ان في الدار لزيدا قائم ، ولا ينكر عمل ما بعد اللام فيما قبله لنقصان حقّه في التصدر ؛
وقوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ)(٤) ، الاولى فيه لام الابتداء ، والثانية جواب قسم محذوف ، والجملة القسمية صلة من ، أو صفته (٥) ،
__________________
(١) أي هما سواء كما تكرر التنبيه عليه ، وهو اختيار الرضي في مثل هذا التركيب ؛
(٢) مرتبط بقوله : لما سقطت عن مرتبتها ؛
(٣) الآية ١٢ سورة الليل ؛
(٤) من الآية ٧٢ سورة النساء ؛
(٥) أي على اعتبارها إما موصولة أو موصوفة ؛