[أفعال أخرى]
[تنصب مفعولين]
وأمّا غير أفعال القلوب مما ينصب جزأي الجملة بتقدير المصدر ، فهو (١) : صيّر وما رادفها من : جعل ، وهب غير متصرف ، وردّ ، وترك ، وتخذ واتّخذ و : أكان (٢) ؛ وأصل الباب : صيّر ؛ ومفعولاه في الحقيقة ، هما اسم وخبر لصار في الأصل ، إذ منزلة صيّرت زيدا قائما من : صار ريد قائما ، كمنزلة : أحفرت زيدا النهر من : حفر زيد النهر ؛ فحال المفعولين في عدم جواز حذفهما معا بلا قرينة ، وجوازه معها ، كحال مفعولي علمت ، يقال : جعلت زيدا كريما ، فتقول : بل أنا جعلت ، وأمّا بلا قرينة فلا يجوز ذلك ، إذ كل إنسان لا يخلو من تصيير شيء شيئا في الأغلب ، فلا فائدة في ذكر الفعل وحده ، كما قلنا في : علمت وظننت ؛
وكذا لا يجوز حذف أحد المفعولين إلا قليلا ، لأن مضمونهما هو المفعول لصيّر ، كما كان مضمونهما فاعل صار ؛
وكان القياس ، بناء على أن المفعولين في تقدير المصدر : جواز تصديرهما بأنّ ، كما في مفعولي علمت ، إلا أنه روعي أصلهما حين كانا اسما وخبرا لصار ، فإنهما لا يصدّران ، إذن ، بها ، كما ذكرنا في أول هذا الباب ؛
وأمّا إلغاء صيّر ومرادفاتها وتعليقها ، فلم يأتيا ، كما أتيا في أفعال القلوب ، لأن ذلك فيها ، لضعفها من حيث لم يظهر تأثيرها المعنوي ، إذ هي أفعال باطنة ، بخلاف التصيير ، فإنه يظهر أثره في الأغلب ، كجعلته غنيّا فهو أمر ظاهر للعيون ، إذ هو إحداث الشيء بعد أن لم يكن ؛
__________________
(١) فهو : أي غير أفعال القلوب المتحدث عنه.
(٢) المراد : الفعل «كان» مع همزة التعدية ، وسيأتي أنه قليل الاستعمال ؛