وكذا قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ ، أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ)(١) ، أي ينظر إليك ، غير مبصر في الحقيقة ؛
وتكون الهمزة للتوبيخ أو التقرير إذا دخلت على النفي ، وقد تدخل على فاء السببيّة كقوله تعالى : (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ ، أَفَلا تَسْمَعُونَ)(٢) ، أي إذا كان كذا فلم لا تسمعون ؛ وكذا قوله تعالى : (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ)(٣) فالفاء للسببية والهمزة للتوبيخ ، أو التقرير ؛
وكذا تدخل همزة الإنكار على «ثمّ» ، المفيدة للاستبعاد ، كقوله تعالى : (ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ، أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ)(٤) ، فثمّ ، ههنا ، مثلها في قوله تعالى : (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)(٥) ، لأن الإيمان بالشيء مستبعد من استعجاله ، استهزاء ؛
وهذه الحروف ، ليست بعاطفة على معطوف عليه مقدّر ، كما يدّعيه جار الله في الكشاف ، ولو كانت كما قال ، لجاز وقوعها في أوّل الكلام ، قبل تقدم ما يكون معطوفا عليه ؛ ولم تجئ إلا مبنيّة على كلام متقدم ؛
[زيادة هذه الأحرف]
وهذه الحروف الثلاثة ، تجيء عند الأخفش زائدة ؛ والبصريون يؤوّلون فيما يقبل التأويل ، صيانة للحروف من الزيادة ؛
__________________
(١) الآية ٤٣ سورة يونس ؛
(٢) الآية ٧١ سورة القصص ؛
(٣) الآية ٧٢ سورة القصص ؛
(٤) الآيتان ٥٠ ، ٥١ سورة يونس ؛
(٥) أول سورة الأنعام وتقدمت قريبا ؛