ولكون ما زال ، وأخواتها بمعنى الإيجاب من حيث المعنى ، لا تتصل أداة الاستثناء بخبرها ، لأن الاستثناء المفرغ لا يكون في الموجب إلا في الفضلات ، كما مرّ في بابه ، وخبر (١) المبتدأ ليس بفضلة ، فلا يجوز : ما زال زيد إلا عالما ، لاستحالة استمرار زيد على جميع الصفات إلا العلم ؛
وأمّا خبر ليس ، وأخبار كان ، وصار ، وأخواتهما ، إذا كانت منفية فيجوز اقترانها بإلّا ، إذا قصدت الإثبات ؛
وقد يمتنع ذلك فيها ، أيضا ، وذلك إذا تقدمت أخبارها عليها ، فلا يجوز : إلّا قائما لم يكن زيد ، وإلّا غنيا لم يصر خالد ، لامتناع تصدر «الّا» ، كما مرّ في بابه (٢) ؛ وقد خطّئ ذو الرمة في قوله :
٧١٩ ـ حراجيج ما تنفك إلا مناخة |
|
على الخسف أو ترمي بها بلدا قفرا (٣) |
واعتذر بأن «تنفك» تامة ، أي : ما تفارق وطنها ، ومناخة : حال ، وعلى الخسف ، متعلق بمناخة ، جعل الخسف كالأرض التي تناخ عليها كقوله :
٧٢٠ ـ وخيل قد دلفت لها بخيل |
|
تحية بينهم ضرب وجيع (٤) |
وترمي ، عطف على مناخة ، نحو قوله تعالى : (صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ)(٥) ؛ وقيل : هي ناقصة ، خبرها على الخسف ، أي معه ، ومناخة حال ، وفيه ضعف من وجهين ، إن كان
__________________
(١) الذي هو خبر هذه الأفعال ؛
(٢) أي باب الاستثناء ، في الجزء الثاني ؛
(٣) من قصيدة لذي الرمة مطلعها :
لقد حشأت نفسي عشية مشرف |
|
ويوم لوى حزوى فقلت لها صبرا |
وحراجيج : جمع حرجوج وهي الناقة الطويلة على وجه الأرض ، وقيل هي الضامر ؛
(٤) من قصيدة لعمرو بن معد يكرب الزبيدي أولها :
أمن ريحانة الداعي السميع |
|
يؤرّقني وأصحابي هجوع |
وتقدم هذا المطلع شاهدا في صيغ المبالغة ، في الجزء الثالث من هذا الشرح ؛
(٥) الآية ١٩ سورة الملك ؛ والتشبيه في عطف الفعل على الاسم الذي بمعناه ؛