أما الفاء وبل ، فلا خلاف عندهم أن الجرّ ليس بهما ، بل بربّ مقدرة بعدهما ؛ لأن «بل» حرف عطف بها على ما قبلها ، والفاء جواب الشرط ،.
وأمّا الواو ، فللعطف ، أيضا ، عند سيبويه ، وليست بجارّة ؛ فإن لم تكن في أول القصيدة أو أوّل الرجز كقوله :
٧٩٣ ـ وليلة نحس يصطلي القوس ربّها |
|
وأقطعه اللاتي بها يتنبّل (١) |
فكونها للعطف ظاهر ، وإن كانت في أولهما ، كقوله : وقاتم الأعماق (٢) ... فإنه يقدّر معطوفا عليه ، كأنه قال : ربّ هول أقدمت عليه ، وقاتم الأعماق ؛
وعند الكوفيين والمبرد ، أنها كانت حرف عطف ، ثم صارت قائمة مقام «ربّ» ، جارة بنفسها ، لصيرورتها بمعنى «ربّ» ، فلا يقدرون في نحو : وقاتم الأعماق ؛ معطوفا عليه ، لأن ذلك تعسّف ، وكذا إذا كان في وسط الكلام نحو : وليلة نحس ، لا يقدرونه عاطفا على الكلام ، بل هو عندهم بمعنى «ربّ» ، وجارّ مثله ؛
ولو كان للعطف لجاز إظهار «ربّ» بعده ، كما جاز بعد الفاء وبل ، فهذه الواو عندهم ، كانت حرف عطف قياسا على الفاء ، وبل ، ولكنها صارت بمعنى «ربّ» فجرّت كما تجرّ ؛ ومع ذلك لا يجوز دخول حرف العطف في وسط الكلام نحو : ووليلة نحس ، ولا : فوليلة نحس ، اعتبارا بأصلها ، بخلاف واو القسم ، فإنها لما لم تكن في الأصل واو العطف ، فلذا (٣) ، جاز دخول واو العطف والفاء وثم ، عليها نحو : ووالله ، و : فو الله ، و : ثم والله ؛
__________________
= لامته امرأة وعيرته بكبره وعجزه عن الأسفار ؛
(١) من قصيدة الشنفري المعروفة بلامية العرب ومنها عدد من الشواهد في هذا الشرح ؛ ومعنى يصطلي القوس أي يستدفئ بها من شدة البرد ويضم إليها أقطعه أي سهامه التي يتخذها نبالا يرمي بها وهذه مبالغة في وصف الليلة بشدة البرد ؛
(٢) الشاهد المتقدم من رجز رؤبة ؛
(٣) قوله : جاز .. هو جواب قوله : لما لم تكن في الأصل. فقوله «فلذا» لا حاجة إليه ؛