٨٨٨ ـ لقد كذبتك نفسك فاكذبنها |
|
فإن جزعا وإن إجمال صبر (١) |
قال : التقدير : إمّا تجزع جزعا .. ؛
ولا منع من تغيّر معنى الكلمة وحالها بالتركيب ، كما مضى من كون : «ممّا» بمعنى «ربّما» ؛
وقال غيره : هو مفرد غير مركب ، إذ الإفراد أصل في الحروف ، وتأوّل البيتين بإن الشرطية ، وشرطها : «كان» ، المحذوفة ، أي : فإن كان جزعا ؛
ومنع أبو علي ، وعبد القاهر (٢) من كونها عاطفة ، لأن الأولى داخلة على ما ليس بمعطوف على شيء ، والثانية مقترنة بواو العطف ، فلا تصلحان للعطف ؛
وشبهة من جعلها حرف عطف : كونها بمعنى «أو» العاطفة ، ولا يلزم ذلك ، فإن معنى «أن» المصدرية هو معنى «ما» المصدرية ، والأولى تنصب المضارع ، بخلاف الثانية ؛
وقال الأندلسي (٣) : إمّا الأولى مع الثانية حرف عطف ، قدّمت تنبيها على أن الأمر مبني على الشك ، والواو جامعة بينهما ، عاطفة لإمّا الثانية على الأولى ، حتى تصيرا كحرف واحد ، ثم تعطفان معا : ما بعد الثانية على ما بعد الأولى ؛
وهذا عذر بارد من وجوه : لأن تقدم بعض العاطف على المعطوف عليه وعطف بعض العاطف على بعضه ، وعطف الحرف على الحرف ، غير موجودة (٤) في كلامهم ؛
__________________
(١) هكذا أورده الشارح : فاكذبنها ، بخطاب المفرد المذكر مؤكدا بالنون الخفيفة ، وهو كذلك في سيبويه ، وشرحه الأعلم على ذلك ، قال البغدادي ان الصواب أن يكون بخطاب المفردة المؤنثة : لقد كذبتك نفسك فاكذبيها .. قال وهو من قصيدة لدريد بن الصمة في رثاء معاوية بن عمرو ، أخي الخنساء ، والخطاب في البيت لها ؛ فهو يقول لها لقد كذبتك نفسك فيما أملت من حياة أخيك فلا تصدقيها بعد ذلك فيما تحدثك به ، فإمّا أن تجزعي وإما أن تصبري صبرا جميلا ؛
(٢ و ٣) تكرر ذكر هؤلاء جميعا ؛
(٤) أي هذه الأمور التي ذكرها ؛