وإنما غلب في سواء ، وما أبالي : الهمزة وأم المتصلة ، مع أنه لا معنى للاستفهام ههنا ، بل المراد الشرط ، لأنّ بين لفظي : سواء ، ولا أبالي ؛ وبين معنى الهمزة وأم المتصلة جامعا ومناسبة ، وهو التسوية ، فهي التي جوّزت الإتيان بهما بعد اللفظين ، بتجريد الهمزة وأم عن معنى الاستفهام وجعلهما بمعنى : إن ، وأو ، كما تقدم ؛
ويجوز ، مع هذا ، بعد سواء ، ولا أبالي : أن تأتي بأو ، مجرّدا عن الهمزة نحو : سواء عليّ قمت أو قعدت ، ولا أبالي قمت أو قعدت ، بتقدير حرف الشرط ، قال :
٨٩٦ ـ ولست أبالي بعد آل مطرف |
|
حتوف المنايا أكثرت أو أقلّت (١) |
وقال أبو علي : لا يجوز «أو» بعد سواء ، فلا تقول : سواء عليّ قمت أو قعدت قال : لأنه يكون المعنى : سواء عليّ أحدهما ؛
ويرد عليه أن معنى «أم» ، أيضا ، أحد الشيئين أو الأشياء ، فيكون معنى سواء عليّ أقمت أم قعدت : سواء عليّ أيّهما فعلت ، أي الذي فعلت من الأمرين ، لتجرّد «أيّ» عن معنى الاستفهام وهذا أيضا ظاهر الفساد ؛
وإنما لزمه ذلك في أو ، وفي أم ، لأنه جعل «سواء» خبرا مقدما ، ما بعده مبتدأ ، والوجه كما ذكرنا أن يكون «سواء» خبر مبتدأ محذوف سادّ مسدّ جواب الشرط ؛
وجوّز الخليل (٢) في غير سواء ؛ ولا أبالي : أن يجري مجراهما فيذكر بعده «أم» والهمزة ، نحو : لأضربنّه : أقام أم قعد ، مستدلّا بصحة قولك : لأضربنّه : أيّ ذلك كان ، وهو بمعنى أقام أم قعد ، وليس ما قال ببعيد ، لأن معنى التسوية مع غيرهما ، أيضا ظاهر ، أي قيامه وقعوده مستويان عندي ، لا يمنعني أحدهما من ضربه ، كما تقدم ذكره ، قال :
__________________
(١) قال البغدادي بعد أن شرحه. انه من شواهد سيبويه التي لم يعرف لها قائل ؛ والبيت في سيبويه ج ١ ص ٤٩٠ من غير نسبة ، وكذلك في شرح الشواهد للأعلم ؛
(٢) نقله عنه سيبويه في ج ١ ص ٤٩٠ ؛