في نحو : إيتني وأكرمك بالرفع ، لأن واو الحال قد تدخل على المضارع المثبت ، كما ذكرنا في باب الحال (١) ، نحو قولك : قمت وأضرب زيدا ، أي : وأنا أضرب زيدا.
وكذا ، ربّما لا يصرف ، كما ذكرنا ، بعد «أو» العاطفة إلى النصب ، نحو قوله تعالى : (تقاتلونهم أو يسلمون) (٢) ، مع أنه (٣) بمعنى «الّا» أمنا من اللبس ، فان «أو» في الأصل لأحد الأمرين ، والمعنى : لا بدّ من أحد الأمرين : القتال أو الإسلام ، وفيه إيماء إلى معنى «إلى» ، أو «إلّا».
فللرفع بعد الفاء ، إذن ، أربعة معان ، كما تقدم : وللنصب معنيان ، عند سيبويه (٤) ، وإنما جاز النصب عنده في المعنى الثاني ، مع أن الفاء ليست للسببية ، تشبيها للفاء وما بعدها ، بفاء الجزاء ، لكونها فاء بعدها مضارع كائنا (٥) بعد نفي ، كما شبّه في : (كُنْ فَيَكُونُ)(٦) ؛ والنفي بالمعنى الثاني كثير الاستعمال ، كقولهم : لا يسعني شيء فيعجز عنك ، أي ان وسعني شيء لم يعجز عنك ، قال :
٦٥٢ ـ وما قام منا قائم في نديّنا |
|
فينطق إلّا بالتي هي أعرف (٧) |
وقال :
وما حلّ سعديّ غريبا ببلدة |
|
فينسب ، إلّا الزبرقان له أب (٨) ـ ١٨٥ |
__________________
(١) أول الجزء الثاني من هذا الشرح ؛
(٢) من الآية ١٦ سورة الفتح وتقدمت قريبا.
(٣) مع أنه ، أي لفظ أو ؛
(٤) ما يتعلق بالنصب بعد الفاء ، مفصل في سيبويه ج ١ ص ٤١٨ وما بعدها ؛
(٥) كائنا ، هكذا بالنصب ، والرضي يرى جواز مجيء الحال من النكرة ؛
(٦) من الآية ١١٧ سورة البقرة وتقدمت.
(٧) من قصيدة طويلة للفرزدق امتلأت بالفخر ومنها بعض الشواهد في هذا الشرح ، والبيت في سيبويه ج ١ ص ٤٢٠ ؛
(٨) تقدم في باب الحال ، في الجزء الثاني ؛