وهو القطع ، يجعل الباء مبدلةً من الميم ، كما يقال : ضربةُ لازِمٍ ولازِب ، وكأنه أصحّ التفسيرين لقوله : فتجْدع هذه فتقول صَرْبَى.
ثعلب عن ابن الأعْرَابي قال : الصربُ : جمعُ صَرْبَى ، وهي المشقوقة الأذن مثل البَحيرة في النوق. ويقال للوطب الذي يجمع فيه اللبن فيحمض : مصرب وجمعه مصارب.
وحدّثني محمّد بنُ إسحاق قال : حدَّثنا عمر (١) بنُ شَبَّةَ قال : حدَّثنا غُنْدَر عن شُعْبَة عن أبي إسحاق قال : سمعتُ أبا الأحوص يحدِّثُ عن أبيه قال : أَتيتُ رسولَ اللهِ صلىاللهعليهوسلم وأنا قَشِفُ الهيئة ، فقال : هل تُنْتَجُ إِبِلُكَ صِحَاحاً آذانُها ، فتَعْمِدَ إلى المُوسَى فتقطَعَ آذانَها فتقول هذه بُحُر وَتَشُقُّهَا فتقول هذه صُرُم فتحرّمها عليك وعلى أهلك؟ قال : نعم. قال : «فما آتاك الله» لك حِل وساعِدُ الله أَشَدُّ ومُوساه أَحَدّ.
قلت : قد تبيَّنَ بقوله : صُرُم ما قاله ابن الأعرابي في الصَّرْب : أن الباء مُبْدَلَةٌ من الميمِ.
وقال ابن الأعرابيّ : الصِّرْبُ : البيوتُ القليلة من ضَعْفَي الأعراب.
قلتُ : والصِّرْمُ مِثل الصِّرْب ، وهو بالميم أعرَف. ويقال : كَرَصَ فلانٌ في مكْرَصِه ، وصَرَبَ في مِصرَبِه ، وقَرَعَ في مِقْرَعِه ، كلُّهُ السِّقَاءُ يُحْقَنُ فيه اللَّبَن.
برص : قال الليثُ : البَرَص معروف ، نسألُ الله منه العافية. وسامّ أَبْرَص : مضافٌ غير مصروف ، والجمعُ سوامّ أبرص.
أبو عُبَيْد عن الأصْمَعِيّ قال : سامّ أبْرَصَ ـ بتشديد الميم ـ قال : ولا أدري لِمَ سُمِّيَ بهذا؟.
وقال أبو زيد : وجمعُه سَوامُ أبْرَصَ ، ولا يثنَّى أبرَص ولا يُجمَع ، لأنه مُضافٌ إلى اسم معروف ، وكذلك بناتُ آوَى وأُمهاتُ حُبَيْنِ وأشباهها.
وقال غيرُه : أبْرَصَ الرجلُ : إذ جاءَ بولَدٍ أَبرَص. ويُصَغَّرُ أَبْرَصُ فيقال : بُرَيْص ، ويُجمع بُرْصاناً. ومن الناسِ مَنْ يَجمع سامَ أَبْرَصَ : البِرَصَةَ. وبَرِيص : نهرٌ بِدمَشْق ، قال حسَّان :
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَرِيصَ عليهِمُ |
بَرَدَى يُصفِّقُ بالرحيقِ السَّلْسَلِ |
ربص : قال الليثُ : التربُّص بالشيء : أن تَنْتظِرَ به يوماً مَّا ، والفِعل تربَّصْتُ به.
وقال أبو إسحاق في قول الله جلَّ وعزّ : (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى
__________________
(١) في المطبوعة (عمرو) وهو خطأ ، انظر : «تهذيب الكمال» للمزي (٢١ / ٣٨٦) ـ مؤسسة الرسالة ـ.