قلتُ : أراد المَوْءودَة الَّتي كان أهل الجاهليّة يئدونَها وهي حَيّة ، وذَكّر فقال : يَدُسُّهُ وهي أنثى لأنَّه ردَّه على لفظ (ما) في قوله : (يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ) [النحل : ٥٩] ، فردَّه على اللفظ ، لا على المعنى ، ولو قال : «بها» لكان جائزاً.
قال الليث : والدَّسِيس : من تَدُسّه ليأتيَك بالأخبار.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الدَّسِيس : الصُّنان الّذي لا يَقلَق الدَّواء. والدَّسِيس المَشْوِيّ. والدُّسُسُ : المُراءُون بأَعمالهم يَدخلون مع القُرّاء وليسوا قُرّاء. قال : والدُّسُسُ : الأَصِنَّة الدَّفِرة.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : إذا كان بالبعير شيء خفِيفٌ من الجَرَب ، قيل : به شيءٌ من جَرَب في مساعِدِه ، وقيل : دُسَ فهو مَدْسُوس. وقال ذو الرمَّة :
* قَريعُ هِجانٍ دُسَ منه المَسَاعِدُ*
ومساعِدُه : آباطه وأدفاغُه. ويقال للهِناء الّذي يُطلَى به أرفاغُ الإبلِ : الدَّسُ أيضا ، ومن أمثالهم : ليس الهِناءُ بالدَّسّ ، المعنى : أنَّ البعير إذا جَرِب في مَساعِرِه لم يُقْتَصر من هِنائه على مواضع الجَرَب ، ولكن يُعَمُّ بالهِناء جميعُ جِلْده لئلَّا يتعدَّى الجَرَب موضعَه فيَجرَبَ موضعٌ آخَر.
يُضرَب مثلاً للّذي يَقتصِر من قضاء حاجة صاحبه على ما يَتبلغ به ولا يُبالَغ في الحاجة بكمالها.
وقال أبو العبّاس : سألتُ ابنَ الأعرابي عن قول الله جلَّ وعزَّ : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠)) [الشمس : ١٠] ، فقال : معناه : من دَسَ نفسَه مع الصالحين وليس هو منهم. قال : وقال الفرَّاء : خابت نفسٌ دَسَّاها الله. ويقال : قد خاب مَنْ دَسَ نفسَه فأَخْمَلَها بتَرْك الصَّدَقة والطاعة. قال : ونَرَى ـ والله أعلم ـ أنَ (دَسَّاها) من دَسَّسْتُ ، بُدِّلت بعضُ سيناتها ياءً كما قالوا : تظنَّيْت من الظنّ. قال : ويُرَى أنَ ، لأن البخيل يُخفي منزله وماله ، والسَّخِيُّ يُبرِز منزله فينزل على الشَّرَف من الأرض لئلّا يستتر عن الضِّيفان ومن أراده ، ولكلٍّ وَجْه ، ونحو ذلك ، قال الزَّجَّاج.
وقال الليث : الدَّسَّاسة : حَيّة صَمّاء تكون تحت التّراب.
وقال أبو عمر : الدَّسّاس من الحيّات : الّذي لا يدري أيُّ طرفَيْه رأسُه ، وهو أَخبثُ الحيّات ، يَندَس في التراب ولا يَظهَر للشّمس ، وهو على لون القُلْب من الذَّهب.
وقال شمر : الدَّسَّاس : حَيّةٌ أحمَر كأنّه الدَّم محدَّدُ الطَّرَفين ، لا يُدرَى أيهما رأسُه ، غليظُ الجِلد لا يأخذ فيه الضَّرْب ،