سَرَبتْ في البحرَ قال : «وسَرَباً» منصوبٌ على جهتين : على المفعول ، كقولك : اتّخذتُ طريقي في السَّرَب ، واتّخذْتُ طريقي مكانَ كذا وكذا ، فيكون مفعولاً ثانياً ؛ كقولك : اتّخذت زيداً وكيلاً. قال : ويجوز أن يكون «سَرَباً» مصدراً يَدُلَّ عليه (اتخذ (سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ) ؛ فيكون المعنى : (نَسِيا حُوتَهُما). فجَعل الحوتُ طريقَه في البحر ، ثم بيّن كيف ذلك ، فكأنّه قال : سَرِب الحوتُ سَرَباً.
وقال المُعْترِض الظَّفرى في السَّرب وجعله طريقاً :
تركنا الضَّبع ساريةً إليهم |
تنوب اللحمَ في سَرَب المَخِيم |
قيل : تنوبه ، تأتيه. والسَّربُ : الطريق.
والمَخِيمُ : اسم واد ؛ وعلى هذا معنى الآية : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ) [الكهف : ٦١] ، أي : سبيل الحوت طريقاً لنفسه ، لا يحيد عنه. المعنى : اتخذ الحوت سبيله الذي سلكه طريقاً اطّرقه.
وأخبرني المنذريّ عن ابن اليزيديّ عن أبي حاتم في قوله : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) قال : أظنّه يريد ذَهاباً يَسرُب سَرَباً ؛ كقولك : يَذهَب ذَهاباً.
وقال شمِر : الأَسراب من الناس : الأَقاطيع ، واحدُها سِرْب. قال : ولم أَسمَع «سِرْبَ» في الناس إلا للعجّاج :
* ورَبِ أَسْرابِ حَجيجٍ كُظَّمِ*
وقال أبو الهَيْثَم : سُمّي السَّراب سَراباً لأنّه يَسرُب سَرْباً ، أي : يَجرِي جَرْياً ؛ يقال : سَرَب الماءُ يَسرُب سُروباً.
سلَمة عن الفرّاء قال : السراب : ما لَصِقَ بالأرض ، والآلُ : الّذي يكون ضُحًى كالمُلَاء بين السَّماء والأرض.
وقال ابن السكّيت : السراب : الّذي يَجرِي على وَجْه الأرض كأنّه الماء ، وهو يكون نِصفَ النهار ، وهو الّذي يَلصِق بالأرض ؛ وفي صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه كان دقيقَ المَسْرُبَة ؛ قال أبو عبيد : المَسرُبة : الشَّعْرُ النابت وَسطَ الصَّدْر إلى البَطْن ؛ وأَنشَد :
الآنَ لما ابيَضَ مَسْرُبَتي |
وعَضِضْتُ من نابي على جِذْم |
أبو عُبيد عن أبي زيد : سُرِب الرجلُ فهو مَسروب سَرْباً ، وهو دُخان الفِضة يَدخُل خياشيمَ الإنسان وفمه ودُبُرَه فيأخذه حَصَرٌ عليه فرُبما أفرَق وربّما مات والاسم الأُسرُبُ.
وقال شمِر : الأُسرُبُ مخفف الباء ، وهو بالفارسيّة سُرْب.
قال أبو عبيد : مَسربةُ كلّ دابة : أعاليه من لدن عنقه إلى عَجْبه ، وأنشد :
جلال أبوه عمُّه وهو خاله |
مساربه حُوٌّ وأقرابه زهرُ |
قال : أقرابه : مَراقّ بطنه. قال الشيخ :