قوله : (وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ) [التوبة : ١٠٧] وقال الزَّجّاج : كان رجل يقال له أبو عامر الرّاهب حارَبَ النبيّ صلىاللهعليهوسلم ومضى إلى هِرَقْل ، قال : وكان أحدَ المنافقين ؛ فقال المنافقون الّذين بنَوْا مَسجِد الضِّرَار : نَبني هذا المسجد وننتظرُ أبا عامر حتى يجيء ويصلي فيه.
وقال : الإرصادُ : الانتظارُ.
وقال غيره : الإرصاد : الإعدادُ. وكانوا قالوا نَقْضي فيه حاجتَنا ولا يُعاب علينا إذا خَلَوْنا ونَرْصُدُه لأبي عامر مجيئَه من الشام ، أي : نُعِدُّه.
قلت : وهذا صحيح من جهة اللَّغة ، رَوَى أبو عُبَيد عن الأصمعيّ والكسائي : رصَدتْ فلاناً أرصُدُه : إذا ترقّبته.
وأَرصْدتُ له شيئاً أرْصده : أعددتُ له.
ورُوي عن ابن سيرين أنه قال : كانوا لا يَرْصدون الثِّمار في الدِّين ، وينبغي أن يُرصد العينُ في الدَّين، وفسّره ابن المُبارك وقال : إذا كان على الرجل دَينٌ وعنده مِثله لم تجب عليه الزكاة ، وإذا كان عليه دينٌ وأخرجتْ أرضُه ثمرةً يجب فيها العُشر لم يسقُطْ عنه العُشْرُ من أجل ما عليه من الدَّين ، ونحو ذلك قال أبو عبيد.
وقال اللّيث : يقال : أنا لك مُرْصد بإحسانك حتى أكافئك به. قال : والإرصادُ في المكافأة بالخير ، وقد جعلَه بعضهم في الشّر أيضاً ، وأَنشد :
لا هُمَّ ربَّ الراكِب المُسافِر |
احْفَظْه لي من أعيُن السَّواحِر |
|
* وَحيّةٍ تُرصِدُ بالهواجِر* |
فالحية لا تُرصد إلا بالشرّ.
وقال الليث : المرصد : مواضع الرصد.
والرّصَد أيضاً : القومُ الّذين يَرصدون الطريق ، راصد ، كما يقال : حارسٌ وحرس ، وقال الله جل وعز : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١٤)) [الفجر : ١٤] ، قال الزجاج : أي يَرْصُد من كفر به وصَدَّ عنه العذاب.
وقال غيره : المرصادُ : المكانُ الذي يرصد به الراصد العدد وهو مثل المضمار الموضع الذي تُضَمَّر فيه الخيلُ للسّباق من مَيْدانٍ ونحوه. والمرصد مثلُ المرصاد ، وجمعه المراصِد.
وحدّثنا السَّعديّ محمد بن إسحاق قال : حدثنا القيراطي عن علي بن الحسن قال : حدثنا الحسين عن الأعمش في قوله : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١٤)) قال : المرصاد : ثلاثةُ جُسُور خلف الصّراط : جِسرٌ عليه الأمانة ، وجسرٌ عليه الرحم وجسرٌ عليه الرّبّ.
قال أبو بكر ابن الأنباريّ في قولهم : فلان يرصُدُ فلاناً ، معناه : يَقْعُد له على