وفي الحديث إن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ذكر الحيّات فقال : «مَن خَشِي خُبْثَهنّ وشَرَّهنْ وإرْبَهُنّ فليس منّا».
أصل الإرْب : الدّهاء والنُّكر ، والمعنى : من توقَّى قَتْلهن خَشْية شَرِّهن فليس مِن سُنَّتنا.
وقال الليث : التَّأريب : التّحْريش.
قلت : هذا تَصْحيف ، والصواب : التّأريث ، بالثاء.
وجاء رَجل إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : دُلّني على عَمل يُدْخِلُني الجنّة ؛ فقال : أرِبٌ مالَه؟
معناه : أنه ذو أرَب وخُبرة وعِلْم ؛ وقال الهُذلي يَمدح رَجُلاً :
يَلُفّ طوائِفَ الفُرْسا |
نِ وهو بِلَفِّهم أَرِبُ |
وفي خبر ابن مَسعود أنّ رجلاً اعْترض النبيَّ صلىاللهعليهوسلم ليسألَه ، فصاح به الناسُ ؛ فقال عليهالسلام : «دعوا الرَّجُلَ أرِب مالَه».
قال شمر : قال ابن الأعرابيّ : أي احتاج فسأل ماله.
وأَرِب عَضُدُه ، إذا سَقَط.
وأَرِب ، إذا سَجد على آرابه مُتمكِّناً.
قال القُتيبي : في قوله أرب مالَه ، أي سَقطت أعضاؤُه وأُصِيبت.
قال : وهي كلمةٌ يقولها العرب لا يُراد بها إذا قِيلت وُقوع الأمر ، كما يقال : عَقْرَى حَلْقَى ؛ وكقولهم : تَرِبت يَدَاه.
وفي حديث رَواه مَعْمر ، عن أبي إسحاق ، عن المغيرة ، عن ابن عبد الله ، عن أبيه : أنّه أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم بِمِنَى فدنا منه ، فنُحِّي ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «دعوه فأَربٌ مالُه». قال : فدنوتُ منه.
قلت : و «ما» ، صِلة.
ويجوز أن يكون أراد : فأربٌ من الآرَاب جاء به فدَعُوه.
ورب : قال اللَّيث : الوِرْبُ : العُضو ؛ يُقال : عُضْوٌ مُوَرَّب ، أي مُوَفَّر.
قلت : المَعروف في كلامهم : الإرْب العُضو ، ولا أنكر أن يكون الوِرْب لغة ، كما يقولون في الميراث : وَرِث ، وأَرث.
قال اللّيث : والمُواربة : المُداهاة والمُخَاتلة.
وقال بعضُ الحكماء : مُواربة الأرِيب جَهل وعَناء ؛ لأن الأريب لا يُخْدع عن عَقْله.
قلت : المُواربة ، مأخوذة من الإرْب ، وهو الدَّهاء ، فحوِّلَت الهمزة واواً.
والوَرْبُ : الفَساد.
وقال أبو عُبيد : يقال : إنه لذُو عِرْق وَرِب ، أي فَاسد ؛ وقال أبو ذَرّة الهُذليّ :
إن يَنْتَسِبْ يُنْسَبْ إلى عِرْقٍ وَرِبْ |
أَهلِ خَزُوماتٍ وشَحَّاجِ صَخِبْ |