ونَفَّلْتُ فلاناً : أَعْطَيْته نَفْلاً وغُنْماً.
والإمام يُنَفِّل الجُنْدَ ، إذا جَعل لهم ما غَنِموا.
وقال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) [الأنفال : ١] الآية.
قال : الأنفال : الغَنائِم.
واحدها : نَفَل.
وإنما سأَلوا عنها لأنها كانت حراماً على من كان قَبْلهم ، فأَحَلّها الله لَهم.
وقيل أَيْضاً : إِنه صلىاللهعليهوسلم نَفِّل في السَّرايا ، فكرهوا ذلك.
وتأويله : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥)) [الأنفال : ٥] ، كذلك تُنَفّل مَن رأيتَ وإن كَرِهُوا.
وكان النّبي صلىاللهعليهوسلم جَعل لكل مَن أتى بأسير شيئاً ؛ فقال بعضُ أَصحابه : يَبْقى آخِرُ الناس بغير شيء.
قلت : وجماع مَعنى النَّفل والنافلة : ما كان زيادةً على الأَصل ، سُمِّيت الغَنائم أَنفالاً ، لأنّ المسلمين فُضِّلُوا على سائر الأُمم الذين لم تَحِلّ لهم الغَنائم.
وسُمّيت صلاة التطوُّع : نافلةً ، لأنها زيادة أَجْر لهم على ما كُتب من ثَواب ما فُرض عليهم.
ونَفَّل النبيّ صلىاللهعليهوسلم السَّرايا في الْبَدأة الرُّبع ، وفي القَفَلة الثُّلث ، تَفضيلاً لهم على غَيرهم من أهل العسكر بما عانَوْا من أَمر العدوّ ، وقاسَوْه من الدُّؤوب والتّعب ، وباشروه من القِتال والخَوْف.
قال الله عزوجل لِنَبِيّه : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) الآية [الإسراء : ٧٩].
قال الفَرّاء : معنى قوله : (نافِلَةً لَكَ) : ليست لأحدِنا نافلة إلّا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، قد غُفر له ما تَقدّم من دَنبه وما تأخر ، فعملُه نافلة.
وقال أبو إسحاق : هذه نافلةٌ زيادة للنبيّ صلىاللهعليهوسلم خاصةً ليست لأحد ؛ لأن الله أمره أن يزداد في عبادته على ما أمَرَ به الخلْق أجمعين ، لأنّه فضَّله عليهم ، ثم وعده أن يَبعثه مقاماً محموداً ؛ وصَحَّ أنه الشفاعة.
والعرب تقول في ليالي الشَّهر : ثَلاث غُرَر. وذلك أوّل ما يَهل الهلال سُمِّين : غُرَراً ، لأن بَياضها قَليل كغُرة الفَرس ، وهي أقل ما فيه من بياض وَجْهه.
ويُقال لثلاثٍ بعد الغُرور : نُفَل ؛ لأن الغُرر كانت الأصل ، وصارت زيادة النُّفل زيادةً على الأصل.
وكل عطيّة تَبرّعَ بها مُعطيها من صَدقة ، فهي نافِلة.
والنافلة : ولدُ الولد ، لأن الأصل كان الولد ، فصار ولَدَ الولد زيادةً على الأصل.