أقال ذلك ، فزادوا على الألف ألفاً ، كما زادوا على النون نوناً ، ليفصل بينها وبين الأسماء المتمكِّنة.
وقال الفرّاء : اجتمع القُرّاء على تخفيف النون من «ذانك» ، وكثير من العرب يقول : فذانك قائمان ، وهذان قائمان ، واللَّذان قالا ذلك.
وقال أبو إسحاق : فذانك ، تثنية «ذاك» ، وذانَّك ، تثنية ذلك ، يكون بدل اللام في ذلك تشديد النون في «ذانك».
وقال أبو إسحاق : الاسم من «ذلك» : ذا ، و «الكاف» زيد للمخاطبة ، فلا حظّ لها في الإعراب.
قال سيبويه : لو كان لها حظٌّ في الإعراب لقلت : ذلك نَفْسك زيد ، وهذا خطأ.
ولا يجوز إلا : ذلك نفسه زيد ، وكذلك ذانك ، يشهد أن الكاف لا موضع لها ، ولو كان لها موضع لكان جرّاً بالإضافة ، والنون لا تدخل مع الإضافة ، واللام زيدت مع ذلك للتوكيد ، تقول : ذلك الحق ، وهذاك الحق. ويقبح : هذالك الحق ؛ لأن اللام قد أكدت مع الإشارة وكُسرت لالتقاء الساكنين ، أعني الألف من «ذا» ، واللام التي بعدها كان ينبغي أن تكون اللام ساكنة ، ولكنها كُسرت لما قلنا.
تفسير هذا
أخبرني المُنذريّ ، عن أبي الهَيْثم أنه سَمِعه يقُول : ها ، ألا ، حرفان يُفتتح بهما الكلام لا مَعنى لهما إلا افتتاح الكلام بهما ، تقول : هذا أخوك ، فها ، تنبيه ، وذا ، اسم المشار إليه ، وأخوك هو الخبر.
قال : وقال بعضُهم : «ها» ، تنبيه تفتح العرب الكلام به ، بلا مَعنى سوى الافتتاح ، ها إن ذا أخوك ، وألا إن ذا أخوك.
قال : وإذا ثَنّوا الاسم المبهم قالوا : تان أختاك ، وهاتان أختاك ، فرجعوا إلى «تا».
فلما جمعوا قالوا : أولاء إخوتك ، وأولاء أخواتك ، ولم يفرقوا بين الأنثى والذكر بعلامة.
قال : وأولاء ، ممدودة مقصورة : اسم لجماعه : ذا ، وذه ، ثم زادوا «ها» مع أولاء ، فقالوا : هؤلاء إخوتك.
وقال الفَرّاء في قوله تعالى : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ) [آل عمران : ١١٩] : العَربُ إذا جاءت إلى اسم مَكنيّ قد وُصف بهذا وهذان وهؤلاء ، فَرّقوا بين «ها» ، وبين «ذا» وجعلوا المكنيّ بينهما ، وذلك في جهة التَّقْريب لا في غيرها ، ويقُولون : أين أنت؟ فيقول القائل : ها أنا ذا. فلا يكادون يقولون : ها أنا ، وكذلك التَّنْبيه في الجمع.
ومنه قوله عزّ وجَلّ : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ)