قال أبو العبّاس : ذي ، معناه : ذه ؛ يُقال : ذا عبد الله ، وذي أَمَة الله ، وذه أَمَة الله ، وته أَمَة الله ؛ وتا أَمَة الله.
قال : ويقال : هذي هِنْد ، وهاته هند ، وهاتا هند ، على زيادة «ها» التَّنبيه.
قال : وإذا صَغّرت «ذه» قلت : تيّا ، تَصْغير «ته» أو «تا» ؛ ولا تُصَغر «ذه» على لفظها ، لأنك إذا صَغّرت «ذا» قلت «ذيّا» ولو صغَّرت «ذه» لقلت «ذيّا» ، فالْتَبس المذكّر ، فصغروا ما يخالف فيه المؤنَّثُ المذكَّرَ.
قال : والمبهمات يُخالف تصغيرها تصغيرَ سائر الأسْماء.
تفسير ذاك ، وذلك
قال أبو الهَيْثم فيما أَخْبرني عنه المُنْذريّ : إذا بَعد المُشار إليه من المُخاطب ، وكان المُخاطب بعيداً ممّن يُشير إليه ، زادوا كافاً ، فقالوا : ذاك أخوك. وهذه الكاف ليست في موضع خَفْض ولا نَصْب ، إنما أشبهت كاف قولك «أخاك» و «عصاك» فتوهّم السامعون أن قَول القائل : ذاك أخوك ، كأنّها في مَوضع خَفْض لإشْباهها كاف «أخاك». وليس ذلك كذلك ، إنما تلك كاف ضُمّت إلى «ذا» لبُعد «ذا» من المُخاطب ، فلمّا دخل فيها هذا اللَّبس زادوا فيها لاماً ، فقالوا : ذلك أخوك ؛ وفي الجماعة : أولئك إخوتك. فإن اللام إذا دخلت ذهبت بمَعْنى الإضافة.
ويُقال : هذا أخوك ، وهذا أخ لك ، وهذا لك أخ ، فإذا أُدخلت اللام فلا إضافة.
قال أبو الهَيْثم : وقد أعلمتك أن الرفع والنَّصب والخفض في قوله : «ذا» سواء ، تقول : مررت بذا ، ورأيت ذا ، وقام ذا ، فلا يكون فيها علامة رَفْع الإعراب ولا خَفضه ولا نَصبه ، لأنه غير متمكِّن ، فلما ثَنَّوا زادوا في التَّثْنية نوناً فأبقوا الألف ، فقالوا ، ذان أخواك ، وذانك أخواك ؛ قال الله تعالى : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ) [النساء : ١٧٣].
ومن العرب من يُشَدِّد هذه النون فيقول : ذانِّك أخواك. وهم الّذين يَزيدون اللام في «ذاك» فيقولون : ذلك ، فجعلوا هذه التشديدة بدل اللام.
وأَخْبرني المُنْذريّ ، عن أبي العبّاس ، قال : قال الأخْفَش في قوله تعالى : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ) [النساء : ١٧٣] قال : وقرأ بعضهم «فذانِّك برهانان» ، قال : وهم الذين قالوا : ذلك ، أدخلوا التثقيل للتأكيد ، كما أدخلوا اللام في «ذلك».
قال أبو العبّاس : وقال الفَرّاء : وشدّدوا هذه النّون ليُفْرق بينها وبين النُّون التي تَسْقط للإضافة ، لأنّ «هذان» و «هاتان» لا تُضاف.
وقال الكِسائيّ : هي من لغة من قال : هذا