«الموضع» وأقام «المنام» مُقامَه.
وهذا مَذْهَبٌ حَسَنٌ. ولكن قد جاء في التفسير أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم رآهم في النَّوم قليلاً ، وقَصّ الرُّؤيا على أَصحابه ، فقالوا : صدقت رُؤْياك يا رسول الله.
قال : وهذا المَذهب أَسْوغ في العَرَبيّة ، لأنه قد جاء : (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) [الأنفال : ٤٤] فدلّ هذا على أنّ هذا رُؤية الالتقاء وأنّ تلك رُؤْية النَّوم.
ابن الأعرابي : نام الرجل ، إذا تَواضع لله.
يمن : الليث : اليُمْن ، نظير «البَرَكة».
يقال يَمُن الرَّجُلُ ، فهو مَيْمُون.
وأخبرني المُنذري ، عن أبي الهيثم أنه قال : روى سَعيد بن جُبير ، عن ابن عباس أنه قال في (كهيعص (١)) [مريم : ١] هو : كافٍ هادٍ يَمينٌ عزيزٌ صادقٌ.
قال أبو الهيثم : فجعل قولَه «كاف» أول اسم الله «كافٍ» ، وجعل «الهاء» أول اسمه «هاد» ، وجعل «الياء» أول اسمه يمين ، من قولك : يَمَن اللهُ الإنْسَانَ يَيْمُنه يَمْناً ويُمْناً ، فهو مَيْمون.
قال : فاليمين واليامن ، يكونان بمعنى واحد ، كالقدير والقادر ؛ وأنشد قولَ رؤبة :
* بَيْتَك في اليامن بَيْت الأيْمَن *
فجعل اسم اليمين مشتقاً من «اليمن» ، والله أعلم.
قال : وجعل «العين» : عزيزاً ، و «الصاد» : صادقاً.
قلت : واليَمين ، في كلام العرب ، على وجوه : يقال لليد اليُمنى : يَمين.
واليمين : القوة ؛ ومنه قولُ الشّماخ :
رأيتُ عَرابَة الأَوْسِيّ يَسْمُو |
إلى الخَيْرات مُنْقَطع القَرِين |
|
إذا ما رايةٌ رُفِعت لِمَجْدٍ |
تلّقاها عرابةُ باليَمينِ |
أي : بالقُوة.
وقال : بمنزلة حَسَنة.
ويقال : قَدِم فلانٌ على أَيْمن اليَمِين ، يَعْني : اليُمْن.
قال : وقوله «تلّقاها عرابة باليمين» ، أراد : باليُمْن.
وقيل : أراد : باليَد اليُمْنى.
وقيل : أراد : بالقُوة والحقّ.
وأما قوله تعالى : (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) [الصافات : ٢٨].
قال الزجّاج : هذا قَول الكُفَّار الذين أضلّوهم ، أي : كنتم تَخْدعوننا بأقوى الأسباب ، فكنتم تأتوننا من قِبل الدِّين فتُروننا أنّ الدّين والحق ما تُضلوننا به.