وهو لحمٌ بَيِّن النُّهوء والنُّيُوء ، بوزن «النُّيُوع».
قلت : والعرب تقول : لحمٌ نِيّ ، فيحذفون الهمزة ، وأصله الهَمز.
والعرب تقول للبَّن المحض : نِيءٌ.
فإذا حَمُض فهو نَضيج ؛ وأَنْشد الأَصمعيّ :
إذا ما شَئتُ باكَرني غُلامٌ |
بِزقٍّ فيه نِيءٌ أو نَضِيجُ |
قال : أراد «بالنِّيء» : خمراً لم تَمْسَسْها النارُ ، وب «النَّضيج» : المَطْبوخ.
وقال شَمر : النِّيء من اللَّبن : ساعةَ يُحْلب قبل أن يُجْعل في السِّقاء.
قاله ابن الأعرابيّ.
قال شَمر : وناء اللحمُ يَنُوء نَوْءاً ونِيًّا ، لم يَهْمز «نيًّا».
فإذا قالوا : النَّي ، بفتح النون ، فهو الشحم دون اللَّحم.
وأمّا النُّؤْي (١) ، بوزن النّعْي ، فهو الحاجز حَول الخَيْمة. وجمعها : أَنْآء.
ويُقال : إنْء نُؤْيك ، كقولك : انْع نُعيك ، إذا أمرته أن يُسوِّي حول خبائه نُؤْياً مُطِيفاً به ، كالطَّوْف يَصرف عنه ماءَ المطر.
والنُّهيْر : الذي دون النُّؤْي ، هو : الأتيّ.
ومن تَرك الهمز قال : نَ نُؤْيَك. وللاثنين : نَيَا نُؤْيَكما. وللجماعة : نَوْا نُؤْيَكم.
وأمّا : نأى يَنْأى ، بوزن : نَعَى يَنْعى ، فَمَعْناه : بَعُد. وقد : أنأيته إنئاء ، إذا أَبْعدته. والنَّأْيُ : البُعْد.
ويقال للرَّجل إذا تكبّر وأَعْرض بوَجْهه : نَأَى بِجَانِبه.
ومعناه : أنه أَنأى جانبَه من وَراء ، أي : نحّاه.
قال الله تعالى : (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ) [الإسراء : ٨٣] ، أي : أنأى جانِبَه عن خالقه مُتغانياً عنه مُعْرِضاً عن عِبادته ودُعائه.
وأخبرني المُنذري ، عن المبرّد ، أنه أَنْشده :
أعاذلَ إن يُصْبِح صَدَاي بِقَفْرةٍ |
بَعِيداً نآنِي زائِرِي وقَرِيِبي |
قوله : نآنِي ، فيه وجهان : أحدهما : أنه بمعنى : أَبعدني ، كقولك : زِدْته فزاد ، ونَقَصْته فنقص.
والوجه الثاني في «نآني» بمعنى : نَأى عنَّي.
وقد قال الليث : يُقال : نأيت الدمع عن خدّي بإصبعي نَأْياً ؛ وأَنْشد :
إذا ما الْتقينا سالَ مِن عَبَراتِنا
__________________
(١) مكان هذا في «اللسان» : (نأى) ، (إبياري).