غيره لم يحسن هو به فكأن ذلك الشيء مثلا وجهه أو عينه وإنما مثلت لك بوجهه وعينه تمثيلا ولا يجوز التخصيص في هذا الباب لأنك لو خصصت شيئا لزال التعجب ؛ لأنه إنما يراد به أن شيئا قد فعل فيه هذا وخالطه لا يمكن تحديده ولا يعلم تلخيصه.
والتعجب كله إنما هو مما لا يعرف سببه فأما ما عرف سببه فليس من شأن الناس أن يتعجبوا منه فكلما أبهم السبب كان أفخم وفي النفوس أعظم.
واعلم أن الأفعال التي لا يجوز أن تستعمل في التعجب على ضربين (١) :
الضرب الأول : الأفعال المشتقة من الألوان والعيوب.
الضرب الآخر : ما زاد من الفعل على ثلاثة أحرف وسواء كانت الزيادة على الثلاثة أصلا أو غير أصل.
__________________
(١) لا يصاغ فعلا التّعجّب إلّا ممّا استكمل ثمانية شروط :
(الأوّل) أن يكون فعلا فلا يقال : ما أحمره : من الحمار ؛ لأنه ليس بفعل.
(الثاني) أن يكون ثلاثيا فلا يبنيان من دحرج وضارب واستخرج إلّا" أفعل" فيجوز مطلقا (عند سيبويه).
وقيل يمتنع مطلقا ، وقال يجوز إن كانت الهمزة لغير نقل (المراد بالنقل : نقل الفعل من اللزوم إلى التعدي ، أو من التعدي لواحد إلى التعدي لاثنين ، أو من التعدي لاثنين إلى التعدي لثلاثة وذلك بأن وضع الفعل على همزة). نحو" ما أظلم هذا الليل" و" ما أقفر هذا المكان".
(الثّالث) أن يكون متصرّفا ، فلا يبنيان من" نعم" و" بئس" وغيرهما ممّا لا يتصرّف.
(الرابع) أن يكون معناه قابلا للتّفاضل ، فلا يبنيان من فني ومات.
(الخامس) أن يكون تامّا ، فلا يبنيان من ناقص من نحو" كان وظلّ وبات وصار".
(السادس) أن يكونض مثبتا ، فلا يبنيان من منفيّ ، سواء أكان ملازما للنّفي ، نحو" ما عاج بالدّواء" أي ما انتفع به ، أم غير ملازم ك" ما قام".
(السابع) أن لا يكون اسم فاعله على" أفعل فعلاء" فلا يبنيان من : " عرج وشهل وخضر الزّرع" ؛ لأن اسم الفاعل من عرج" أعرج" ومؤنثه" عرجاء" وهكذا باقي الأمثلة.
(الثامن) أن لا يكون مبنيّا للمفعول فلا ينيان من نحو" ضرب" وبعضهم ويستثني ما كان ملازما لصيغة" فعل" نحو" عنيت بحاجتك" و" زهي علينا" فيجيز" ما اعناه بحاجتك" و" ما أزهاه علينا". انظر معجم القواعد العربية ٤ / ٣٤.