الضرب الثالث : الذي العامل فيه حرف جامد غير متصرف الحروف التي تعمل مثل عمل الفعل فترفع وتنصب خمسة أحرف وهي : إنّ ولكن وليت ولعلّ وكأنّ.
فإنّ : توكيد الحديث وهي موصلة للقسم لأنك لا تقول : والله زيد منطلق ، فإن أدخلت (إنّ) اتصلت بالقسم فقلت : والله إنّ زيدا منطلق ، وإذا خففت فهي كذلك إلا أنّ لام التوكيد تلزمها عوضا لما ذهب منها فتقول : إنّ زيدا لقائم ولا بدّ من اللام إذا خففت كأنهم جعلوها عوضا ولئلا تلتبس بالنفي.
ولكنّ : ثقيلة وخفيفة توجب بها عبد نفي ويستدرك بها فهي تحقيق وعطف حال على حال تخالفها.
وليت : تمن.
ولعل : معناها التوقيع لمرجو أو مخوف.
وقال سيبويه : لعل وعسى : طمع وإشفاق.
وكأنّ : معناها التشبيه إنما هي الكاف التي تكون للتشبيه دخلت على (أن).
وجميع هذه الحروف مبنية على الفتح مشبهة للفعل الواجب ألا ترى أن الفعل الماضي كله مبني على الفتح فهذه الأحرف الخمسة تدخل على المبتدأ والخبر فتنصب ما كان مبتدأ وترفع الخبر فتقول : إن زيدا أخوك ولعل بكرا منطلق ولأنّ زيدا الأسد فإنّ : تشبه من الأفعال ما قدم مفعوله نحو : ضرب زيدا رجل وأعلمت هذه الأحرف في المبتدأ والخبر كما أعلمت (كان) وفرق بين عمليهما : بأن قدم المنصوب بالحروف على المرفوع كأنهم جعلوا ذلك فرقا بين الحرف والفعل ، فإن قال قائل : إن (أنّ) إنما عملت في الاسم فقط فنصبته وتركت الخبر على حاله كما كان مع الابتداء وهو قول الكوفيين.
قيل له : الدليل على أنها هي الرافعة للخبر أن الابتداء قد زال وبه وبالمبتدأ كان يرتفع الخبر فلما زال العامل بطل أن يكون هذا معمولا فيه ومع ذلك أنا وجدنا كلما عمل في المبتدأ رفعا أو نصبا علم في خبره ألا ترى إلى ظننت وأخواتها لما عملت في المبتدأ عملت في خبره