وأما العام فنحو قول العجاج :
جاري لا تستنكري عذيري (١)
أي : حالي ، وأما ما كان منقوصا وكان مع الهاء على ثلاثة أحرف فقولهم : يا شاء ادجني.
قال أبو علي : إذا وصلت سقطت همزة الوصل فالتقت الألف وهي ساكنة مع الراء مع ادجني وهي ساكنة أيضا فحذفت الألف لالتقاء الساكنين ووليت الشين المفتوحة الراء ، وإذا وقفت قلت : يا أدجني مثل أقبلي فلم يحذف الألف رخم شاة ويا ثبت أقبلي تريد : ثبة وناس من العرب يثبتون الهاء فيقولون : يا سلمة أقبلي يقحمون الهاء ويدعون الاسم مفتوحا على لفظ الترخيم والذين يحذفون في الوصل الهاء إذا وقفوا قالوا : يا سلمه ويا طلحه لبيان الحركة ولم يجعلوا المتكلم بالخيار في حذف الهاء عند الوقف والشعراء إذا اضطروا حذفوا هذه الهاء في الوقف لأنهم إذا اضطروا يجعلون المدة التي تلحق القوافي بدلا منها قال ابن الخرع :
وكادت فزارة تشقى بنا |
|
فأولى فزارة أولى فزارا |
والضم جائز في البيت وكذلك إن رخمت اسما مركبا من اسمين قد ضم أحدهما إلى الآخر فحكم الثاني حكم الهاء في الحذف وذلك.
__________________
(١) جاري ، لا تستنكري عذيري ... سيري وإشفاقي على بعيري
على أن العذير هنا بمعنى الحال التي يحاولها المرء يعذر عليها ، وقد بين بقوله : سيري وإشفاقي ، الحال التي ينبغي أن يعذر فيها ولا يلام عليها.
ومثله لابن الشجري في أماليه فإنه قال : العذير : الأمر الذي يحاوله الإنسان فيعذر فيه. أي : لا تستنكري ما أحاوله معذورا فيه. وقد فسره بالبيت الثاني. وعليه فعذيري مفعول تستنكري ، وسيري : عطف بيان له أو بدل منه أو خبر مبتدأ محذوف أي : هو سيري ... ويجوز أن يكون عذيري مبتدأ خبره سيري ـ كما قال بن الحاجب في الإيضاح ـ وعلى هذا فمفعول تستنكري محذوف.
قال الزجاج : العذير : الحال. وذلك أن العجاج كان يصلح حلسا لجمله ، فأنكرته وهزئت منه ؛ فقال لها هذا. قال علي بن سليمان الأخفش : العذير : الصوت. كأنه كان يرجز في عمله بحلسه فأنكرت عليه ذلك ، أي :لا تستنكري صوتي ورفعه بالحديث ، لأني قد كبرت. والحلس للبعير ، وهو كساء رقيق يكون تحت البرذعة ، وهو بكسر المهملة وسكون اللام. انظر خزانة الأدب ١ / ٢٠٣.