لأن من تصحبها تقول : كم من رجل ثم تسقط من وتعمل فكذلك : ربّ ، وإن لم تر (من) معها كما قال : ألا رجل ومن رجل وهم يريدون : أمّا من رجل وحكي عن الكسائي أو غيره من القدماء : أن بعض العرب يقول : ربّ رجل ظريف فترفع ظريفا تجعله خبرا (لرب) ومن فعل هذا فقد جعلها اسما وهذا إنما يجيء على الغلط والتشبيه وفي رب لغات : ربّ وربّ يا هذا ومن النحويين من يقول : لو سكنت جاز : وربت.
واعلم أن (ربّ) تستعمل على ثلاثة وجوه :
فالوجه الأول : هو الذي قد ذكرت من دخولها على الاسم الظاهر النكرة وعملها فيه وفي صفته الجر.
والوجه الثاني : دخلوها على المضمر على شريطة التفسير فإذا أدخلوها على المضمر نصبوا الاسم الذي يذكرونه للتفسير بعد المضمر فيقولون : ربّه رجلا والمضمر هاهنا كالمضمر في (نعم) إذا قلت : نعم رجلا زيد إلا أن المضمر في (نعم) مرفوع ؛ لأنه ضمير الفاعل وهو مع ربّ مجرور وإنما جاز في ربّ وهي لا تدخل إلا على نكرة من أجل أن المعنى تؤول إلى نكرة وليس هو ضمير مذكور وحق الإضمار أن يكون بعد مذكور ولكنهم ربما خصوا أشياء بأن يضمروا فيهاه على شريطة التفسير وليس ذلك بمطرد في كل الكلام وإنما يخصون به بعضه فإذا فعلت ذلك نصبت ما بعد الهاء على التفسير فقلت : ربه رجلا وهذه الهاء على لفظ واحد ، وإن وليها المذكر أن المؤنث أو الاثنان أو الجماعة موحدة على كل حال.
الوجه الثالث : أن تصلها فتستأنف ما بعدها وتكفها عن العمل فتقول : ربما قام زيد وربما قعد وربما زيد قام وربما فعلت كذا ولما كانت رب إنما تأتي لما مضى فكذلك ربما لما وقع بعدها الفعل كان حقه أن يكون ماضيا فإذا رأيت الفعل المضارع بعدها فثم إضمار كان قالوا : في قوله : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) [الحجر : ٢] أنه لصدق الوعد كأنه قد كان كما قال : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ) [سبأ : ٥١]. ولم يكن فكأنه قد كان لصدق الوعد.