هذا حذف منه المعمول فيه وكان الثاني دليلا على الأول وذاك حذف العامل منه إلا أن حذف العامل إذا دل عليه الأول أحسن مع العطف ؛ لأن الواو تقوم مقام العامل في كل الكلام.
الضرب الآخر : أن يكون الحرف العامل غير زائد ، وذلك نحو قولك : مررت بزيد وذهبت إلى عمرو ومرّ بزيد وذهب إلى عمرو فتقول : إن موضع (بزيد) في : (مررت بزيد) منصوب وموضع إلى عمرو في ذهبت إلى عمرو نصب وموضع بزيد في مر بزيد رفع وإنما كان ذلك لأنك لو جعلت موضع : (مررت) ما يقارب معناه من الأفعال المتعدية لكان زيد منصوبا نحو : أتيت زيدا ولو أسقطت الباء في قولك : مررت بزيد لم يجز ؛ لأن الأفعال التي هي غير متعدية في الأصل لا تتعدى إلا بحرف جر وقد بينت فيما تقدم صفة الأفعال المتعدية والأفعال التي لا تتعدى فتقول على هذا إذا عطفت على الموضع : مررت بزيد وعمرا وذهبت إلى بكر وخالدا ومرّ بزيد وعمرو كأنك قلت : وأتى عمرو وأتيت عمرا ودل (مررت) على (أتيت) فاستغنيت بها وحذفت قال الشاعر :
جئني بمثل بني بدر لقومهم |
|
أو مثل أسرة منظور بن سيار (١) |
كأنه قال : أو هات مثل أسرة منظور ؛ لأن جئني بمثل بني بدر يدل على : هات أو أعطني وما أشبه هذا.
القسم الثاني اسم بني مع غيره :
وذلك نحو : خمسة عشر وتسعة عشر فحكم هذا حكم المبني المفرد تقول : إن خمسة عشر درهما ويكفيك خمسة دنانير وخمسة دنانير النصب على (إنّ) والرفع على موضع (إنّ) وقولك :لا رجل في الدار بمنزلة : خمسة عشر في البناء إلا أن (رجل) مبني يضارع المعرفة فجاز لك أن تقول : لا رجل وغلاما لك فتعطف عليه ؛ لأن (لا) تعمل في النكرة عمل (إنّ) فبنيت مع (لا) على الفتح الذي عملته (لا) ومنعت التنوين ليدل منع التنوين على البناء ؛ لأنه اسم نكرة منصوب متمكن ودل على ذلك قولهم : لا ماء ماء باردا لك ألا تراهم بنوا ماء مع ماء فعلمت
__________________
(١) انظر الأغاني ٣ / ٣٦١.