واعلم أنه لا يبني شيء من هذا الباب على الكسر إلا وهو مؤنث معرفة ومعدول عن جهته وإنما يبنى على الكسر ؛ لأن الكسر مما يؤنث به تقول للمرأة : أنت فعلت وإنك فاعلة وكان أصل هذا إذا أردت به الأمر السكون فحركت لالتقاء الساكنين فجعلت الحركة الكسر للتأنيث ، وذلك قولك : نزال وتراك ومعناه : أنزل واترك فهما معدولان عن المتاركة والمنازلة قال الشاعر :
ولنعم حشو الدّرع أنت إذا |
|
دعيت نزال ولجّ في الذّعر (١) |
__________________
(١) قوله : ولنعم حشو الدرع إلخ ، جعل لابس الدرع حشوا لها لاشتمالها عليه ، كما يشتمل الإناء على ما فيه. وهو العامل في إذا ، لأنه بمعنى لابس ، وقيل : متعلق بنعم لما فيه من معنى الثناء كما فيما قبله. والجل ، بالضم : الحادث العظيم كالجلى. وقوله : على ظهر ، أي : ظهر حمول قوي. والذمار : ما يجب عليه أن يحميه من حرمه. والجلى : النائبة الجليلة وجمعها جلل ، وقيل هنا بمعنى : جماعة العشيرة. وقوله : أمين مغيب الصدر ، أي :لا يضمر إلا الجميل ، ولا ينطوي إلا على الوفاء والخير وحفظ السر ، فهو مأمون على ما غاب في صدره.
والحدب : المتعطف المشفق. والمولى : ابن العم. والضريك : الفقير والمحتاج. والدسيعة : العطية الجزيلة. وجز الناصية تكون في الأسير ، إذا أنعم عليه وأطلق جزت ناصيته وأخذت للافتخار. وراغمهم : نابذهم وهجرهم وعاداهم. وقوله : ومرهق النيران ، أي : تغشى ناره ؛ يقال : رهقت الرجل ، إذا غشيته وأحطت به ؛ والمشدد للتكثير. يصف أنه يوقد النار بالليل للطبخ وإطعام الناس ، وليعشو إليها الضيف والغريب. وكثرة النيران ، للإخبار عن سعة معروفة. والأواء : شدة الزمان والقحط. وقوله : غير ملعن القدر ، أي : لا يؤكل ما فيها دون الضيف ، والجار ، واليتيم ، والمسكين ، فهو محمود القدر ، لا مذمومها. وأوقع اللعن على القدر مجازا ، وهو يريد صاحبها. وقوله : ويقيك ما وقي الأكارم إلخ ، وقي بالبناء للمفعول. والحوب : الإثم ، أي : إن الأكارم وقوا أن يسبوا فيقيك ذلك أنت أيضا ، أي : إنه لا يغدر ، ولا يسب ، فبأتي بإثم. وروي : ما وقى الأكارم بالبناء للفاعل ونصب الأكارم. وقوله : وإذا برزت به ، أي : برزت إليه ، يعني : إذا صرت إليه صرت إلى رجل واسع الخلق طيب الخبر. وقوله : متصرف للمجد إلخ ، أي : يتصرف في كل باب من الخير ، لاكتساب المجد. والمعترف : الصابر ، أي : يصبر لما نابه من الأمر ، ويحتمله. وقوله : يراح ، أي : يخش ويخف ويطرب ، لأن يفعل فعلا كريما يذكر به ، ويمدح من أجله. وقوله : جلد يحث إلخ ، أي : قوي العزم ، مجتهد فيما ينفع العشيرة من التآلف والاجتماع ، فهو يحث على ذلك ويدعو إليه ، إذا كره الظنون الاجتماع والتآلف ، لما يلزمه عند ذلك ، من المشاركة والمواساة بماله ونفسه. والظنون : الذي لا يوثق بما عنده ، لما علم من قلة خيره. وجوامع الأمر : ما