إلى من أعوِّذه كلّما |
|
تلقّيته بالعزيز القوي |
فتىً كنتُ مِسْخاً بشعري السخيفِ |
|
وقد ردّني فيه خَلقاً سوي |
تأمّلتُه وهو طوراً يصح |
|
وطوراً بصحّتهِ يلتوي |
فميّزَ معوجَّهُ والرديَ |
|
فيه من الجيِّدِ المستوي |
وصحّحَ أوزانَهُ بالعروضِ |
|
وقرّرَ فيه حروفَ الروي |
وأرشدَهُ لطريقِ السدادِ |
|
فأصلحَ شيطانَ شعري الغوي |
وبيّن موقع كفّ الصناعِ |
|
في نسج ديباجِهِ الخسروي |
فأُقسمُ بالله والشيخُ في |
|
اليمينِ على الحِنثِ لا ينطوي |
لو أنّ زرادشتَ أصغى له |
|
لأزرى على المنطقِ الفهلوي |
وصادف زرعَ كلامي البليغ |
|
فيه شديدَ الظما قد ذوي |
فما زال يسقيه ماء الطرا |
|
وماء البشاشة حتى روي |
فلا زال يحيا وقلبُ الحسودِ |
|
بالغيظِ من سيّدي مكتوي |
له كبدٌ فوق جمر الغضا |
|
على النار مطروحةٌ تشتوي |
قال الثعالبي (١) : إنّ ديوان شعره لا تنحطُّ قيمته عن ستين ديناراً لتنافسهم في ملحه ووفور رغبتهم فيه ، وقال : وديوان شعره أسْيَرُ في الآفاق من الأمثال ، وأسرى من الخيال ، وذكر في اليتيمة شطراً مهمّا من فنون شعره في (٦٢) صحيفة في الجزء الثالث.
والغالب على شعره الهزل والمجون ، كأنّهما لازِمَا غريزته ، ومطبوعا قريحته ، وخمرتا طينته ، وكان إذا استرسل فيهما فلا يجعجع به حضور ملك أو هيبة أمير ، ويأتي بما عنده غير مكترث للسامعين ، فلا يستقبل منهم إلاّ عطفاً وقبولاً ، كما أنّ جلّ شعره يعرب عن ولائه الخالص لأهل البيت والوقيعة في مناوئيهم.
__________________
(١) يتيمة الدهر : ٣ / ٤٠ ، ٣٦.