متفرِّقات العلوم ، وهل تجده إلاّ في الذروة والسنام من الفضل الظاهر ، فحقَّ له هذا الصيت الطائر ، والذكر السائر مع الفلك الدائر.
كانت للصاحب مكتبة عامرة ، وقد نوّه بها لمّا أرسل إليه صاحب خراسان الملك نوح بن منصور الساماني في السير يستدعيه إلى حضرته ويرغِّبه في خدمته ، وبذل البذول السنيّة ، فكان من جملة أعذاره قوله : ثمّ كيف لي بحمل أموالي مع كثرة أثقالي ، وعندي من كتب العلم خاصّة ما يُحمل على أربعمائة حمل أو أكثر؟
[و] في معجم الأدباء (١)) قال أبو الحسن البيهقي : وأنا أقول : بيت الكتب الذي بالريّ دليلٌ على ذلك بعدما أحرقه السلطان محمود بن سبكتكين ، فإنّي طالعت هذا البيت فوجدت فهرست تلك الكتب عشر مجلّدات ، فإنَّ السلطان محموداً لمّا ورد إلى الريّ قيل له : إنّ هذه الكتب كتب الروافض وأهل البدع ، فاستخرج منها كلّ ما كان في علم الكلام وأمر بحرقه.
يظهر من كلام البيهقي هذا ، أنّ عمدة الكتب التي أُحرقت هي خزانة كتب الصاحب ، وهكذا كانت تعبث يد الجور بآثار الشيعة وكتبهم ومآثرهم.
وكان خازن تلك المكتبة ومتولّيها : أبو بكر محمد بن إبراهيم بن عليّ المقري (٢) المتوفّى (٣٨١) ، وأبو محمد عبد الله الخازن ابن الحسن الأصبهاني.
وزارته ، صِلاته ، مادحوه :
قال أبو بكر الخوارزمي : الصاحب نشأ من الوزارة في حجرها ، ودبَّ ودرج من وكرِها ، ورضع أفاويق درّها ، وورثها عن آبائه. كما قال أبو سعيد الرستمي في حقِّه :
__________________
(١) معجم الأدباء : ٦ / ٢٥٩.
(٢) توجد ترجمته في الوافي بالوفيات للصفدي : ١ / ٣٤٢ [رقم ٢٢٤]. (المؤلف)