مشايخه وتآليفه :
لم نقف في المصادر التي بين أيدينا على ما يفيدنا في التنقيب عن أيّام صباه ، وكيفيّة تعلّمه ، وأساتذته في فنونه ، ومشايخه في علومه ؛ والمصادر برمّتها خاليةٌ من البحث عن هذا الجانب ، إلاّ أنّ شعره يفيدنا تَلَمُّذه على الأخفش الأصغر ع ليِّ بن سليمان المتوفّى سنة (٣١٥) فهو إمّا قرأ عليه في مصر أيّام الأخفش بها ، وقد ورد الأخفش مصر سنة (٢٨٧) وخرج منها إلى حلب سنة (٣٠٦) ، وإمّا في بغداد قبل أن غادرها الأخفش إلى مصر ؛ إذ يذكر قراءته عليه في قصيدة يمدحه بها في الشام ، حينما نزل بها الأخفش إمّا في رواحه إلى مصر ، وإمّا في أوبته عنها ، فقال :
فلمّا خُيِّل الصبحُ |
|
ولمّا يُبْدِ تبليجَه |
وأتبعتُ العرا وجهاً |
|
كسى البشرُ تباهيجَه |
إلى كعبةِ آدابٍ |
|
بأرضِ الشامِ محجوجَه |
إلى معدنٍ بالحك |
|
ـمةِ والآدابِ ممزوجَه |
سماعيٌّ قرائيٌ |
|
له في العلم مرجوجَه |
ومن يعدلُ بالعلمِ |
|
من المنآدِ تعويجَه (١) |
إذ الأخبارُ حاجتُهُ |
|
ثناها وهي محجوجَه |
به تغدو من الشكِ |
|
قلوبُ القومِ مثلوجَه |
ويلقى طُرُقَ الحكمةِ |
|
للأفهام منهوجَه |
لكي يفرجَ عنّي الخطْ |
|
ـبَ لا أسطيع تفريجَه |
وكي يمنحَني تأدي |
|
ـبه المحضَ وتخريجَه |
ومن أولى بتقريبٍ |
|
خلا من كنتُ ضرِّيجَه |
ومن توّجني من عل |
|
ـمِهِ أحسنَ تتويجَه |
__________________
(١) إنآد : انحنى وناء.