والراحُ تسعى بها مذكّرةً |
|
أردانُها بالعبير مُختمره |
بكرانِ لكن لهذه مائة |
|
وتلك ثنتان واثنتا عشره |
يا ليتني لم أرَ العراقَ ولم |
|
أسمعْ بذكرِ الأهواز والبصره |
ترفعني تارةً وتخفضني |
|
أخرى فمن سهلة ومن وَعِره |
فوق ظهرِ سلهبةٍ |
|
قطانها والبدار مغتفره (١) |
وتارةً في الفراتِ طاميةً |
|
أمواجُه كالخيالِ معتكره |
حتى كأنّ العراقَ تعشقني |
|
أو طالبتْني يدُ النوى بِتِرَه (٢) |
وكان يجتمع في رحلاته مع الملوك والأمراء والوزراء ويحظى بجوائزهم ، ويستفيد من صِلاتهم ، ويتّصل بمشيخة العلم والحديث والأدب ، ويقرأ عليهم ، ويسمع عنهم ، ويأخذ منهم ، وجرت بينه وبينهم محاضرات ومناظرات ومكاتبات ، إلى أن تضلّع في العلوم ، وحاز قصب السبق في فنون متنوِّعة ، وتقدّم في الكتابة والخطابة ، وحصل له من كلِّ فنّ حظّه الأوفى ، ونصيبه الأعلى حتى عرّفه المسعودي في مروج الذهب (٣) (٢ / ٥٢٣) بأنّه كان من أهل العلم والرواية والأدب.
عقيدته :
إنّ عصر المترجَم من العصور التي زاغت فيه النِّحل والمذاهب ، وشاعت فيه الأهواء والآراء ، وقلَّ فيه من لا يرى في العقائد رأياً يفسِّر به إسلامه وهو ينصُّ به على خبيئة قلبه تارةً ويضمرها أخرى ، وأمّا شاعرنا فكان في جانبٍ من ذلك إما ميّا صادق التشيّع ، موالياً لأهل بيت الوحي متفانياً في ولائهم ، ويجد الباحث في خلال شعره بيِّنات تظاهره بالتهالك في ولاء آل الله ، وبثِّه الدعوة إليهم بحججه القويّة ،
__________________
(١) السلهبة : الجسيمة. (المؤلف)
(٢) الترة : الثأر.
(٣) مروج الذهب : ٤ / ٣٤٨.