ـ ٤٣ ـ
الجبري المصري
يا دارُ غادرني جديدُ بِلاكِ |
|
رثَّ الجديدُ فهل رثيت لذاكِ |
أم أنت عمّا أشتكيه من الهوى |
|
عجماءُ مذ عجم البلى مغناكِ |
ضفناك نستقري الرسومَ فلم نجدْ |
|
إلاّ تباريحَ الهموم قِراكِ |
ورسيسَ شوقٍ تمتري زفراتُه |
|
عبراتِنا حتى تبلّ ثراكِ |
ما بالُ ربعكِ لا يبلُّ كأنّما |
|
يشكو الذي أنا من نحوليَ شاكِ |
طلّت طلولُكِ دمعَ عيني مثلَما |
|
سفكت دمي يومَ الرحيل دُماكِ |
وأرى قتيلَك لا يَديهِ قاتلٌ |
|
وفتورَ ألحاظِ الظباء ظُباكِ |
هيّجت لي إذ عجتُ ساكنَ لوعةٍ |
|
بالساكنيك تشبّهاً ذكراكِ |
لمّا وقفتُ مسلّماً وكأنّما |
|
ريّا الأحبّةِ سفت من رياكِ (١) |
وكفت عليكِ سماءُ عيني صيِّباً |
|
لو كفَّ صوبُ المزنِ عنك كفاكِ |
سقياً لعهدي والهوى مقضيّةٌ |
|
أوطارُهُ قبل احتكامِ نواكِ |
والعيش غضٌّ والشبابُ مطيّةٌ |
|
للهوِ غيرُ بطيئةِ الإدراكِ |
أيّام لا واشٍ يُطاعُ ولا هوىً |
|
يُعصى فنقصى عنكِ إذْ زرناكِ |
وشفيعنا شرخُ الشبيبةِ كلّما |
|
رُمنا القصاصَ من اقتناصِ مهاكِ |
__________________
(١) كذا.