شريف النفس عالي الهمّة ، ملتزماً بالدين وقوانينه ، ولم يقبل من أحد صلةً ولا جائزةً حتى إنّه ردَّ صلات أبيه.
٥ ـ قال الباخرزي في دمية القصر (١) (ص ٦٩) : له صدر الوسادة بين الأئمّة والسادة ، وأنا إذا مدحته كنت كمن قال لذكاءٍ : ما أنورك! ولخضارةٍ (٢) : ما أغزرك! وله شعر إذا افتخر به أدرك من المجد أقاصيه ، وعقد بالنجم نواصيه ، وإذا نسب انتسب رقّة الهواء إلى نسيبه ، وفاز بالقدح المعلّى في نصيبه ، حتى إذا أنشد الراوي غزليّاته بين يدي العزهاة (٣) ، لقال له من العزّ : هات ، وإذا وصف فكأنّه في الأوصاف أحسن من الوصائف والوصاف ، وإن مدح تحيّرت فيه الأوهام بين مادحٍ وممدوحٍ ، له بين المتراهنين في الحلبتين سبق سابق مروح ، وإن نثر حمدت منه الأثر ، ورأيت هناك خرزات من العقد تنفضّ ، وقطرات من المزن ترفضّ ، ولعمري إنّ بغداد قد أنجبت به فبوّأته ظلالها ، وأرضعته زلالها ، وأنشقته شمالها ، وورد شعره دجلتها فشرب منها حتى شرق ، وانغمس فيها حتى كاد يقال : غرق ، فكلّما أُنشِدت محاسنه تنزّهت بغداد في نضرة نعيمها ، واستنشقت من أنفاس الهجير بمراوح نسيمها.
٦ ـ قال الرفاعي في صحاح الأخبار (ص ٦١) : كان أشعر قريش ، وذلك لأنّ الشاعر المجيد من قريش ليس بمكثر ، والمكثر ليس بمجيد ، والرضي جمع بين فضلي الإكثار والإجادة ، وكان صاحب ورع وعفّة وعدل في الأقضية وهيبة في النفوس.
ألقابه ومناصبه :
لقّبه بهاء الدولة سنة (٣٨٨) بالشريف الأجلّ ، وفي سنة (٣٩٢) بذي
__________________
(١) دمية القصر : ١ / ٢٩٢.
(٢) خضارة : البحر.
(٣) العزهاة والعزهاء : العازف عن اللهو والنساء.