المنقبتين ، وفي سنة (٣٩٨) (١) بالرضي ذي الحسبين ، وفي سنة (٤٠١) أمر أن تكون مخاطباته ومكاتباته بعنوان الشريف الأجلّ ، وهو أوّل من خوطب بذلك من الحضرة الملوكيّة.
إنّ المناصب والولايات كانت متكثِّرة على عهد سيّدنا الشريف من الوزارة التنفيذيّة والتفويضيّة ، والإمارة على البلاد بقسميها العامّة والخاصّة. والعامّة بضربيها : استكفاء بعقد عن اختيار ، واستيلاء بعقد عن اضطرار. والإمارة على جهاد المشركين بقسميها : المقصورة على سياسة الجيش وتدبير الحرب ، والمفوّض معها إلى الأمير جميع أحكامها من قسم الغنائم وعقد الصلح. والإمارة على قتال أهل الردّة ، وقتال أهل البغي ، وقتال المحاربين ، وولاية القضاء وولاية المظالم ، وولاية النقابة بقسميها : العامّة والخاصّة ، وولاية إمامة الصلوات ، وإمارة الحجّ ، وولاية الدواوين بأقسامها ، وولاية الحسبة ، وغيرها من الولايات.
فمنها ما كان يخصُّ بالكتّاب والأدباء ، وآخر بالثقات ورجال العدل والنصفة ، وثالث بالأماجد والأشراف والمترفين ، ورابع بأُباة الضيم وأصحاب البسالة والفروسيّة ، وخامس بذوي الآراء والفكرة القويّة والدهاة ، وسادس بأعاظم العلويّين وأعيان العترة النبويّة ، وسابع بالفقهاء وأئمّة العلم والدين.
وهناك ما يخصُّ بجامع تلكم الفضائل ، ومجتمع هاتيك المآثر كسيّدنا الشريف ، ذلك المثل الأعلى في الفضائل كلّها ، فعلى الباحث عن مواقفه ومقاماته ونفسيّاته الكريمة ، أن يقرأ ولو بصورة مصغّرة دروس المناصب التي كان يتولاّها الشريف ، فعندئذٍ يجد صورة مكبّرة تجاه عينيه ممثّلة من العلم ، والفقه ، والحكمة ، والثقة ، والسداد ، والأنفة ، والفتوّة ، والهيبة ، والعظمة ، والجلال ، والروعة ، والوفاء ، وعزّة النفس ، والرأي ، والحزم ، والعزم ، والبسالة ، والعفّة ، والسؤدد ، والكرم ، والإباء ،
__________________
(١) في البداية والنهاية : ١١ / ٣٣٥ : سنة ٣٩٦ [١١ / ٣٨٥]. (المؤلف)