قبورٌ تنطُفُ العبراتُ فيها |
|
كما نطفَ الصبيرُ على الروابي (١) |
فلو بَخِلَ السحابُ على ثراها |
|
لذابتْ فوقَها قِطَعُ السرابِ |
سقاكَ فكم ظمئتُ إليك شوقاً |
|
على عُدواء داري واقترابي |
تجافي يا جَنُوبَ الريح عنِّي |
|
وصوني فضلَ بُردكِ عن جنابي |
ولا تسري إليَّ مع الليالي |
|
وما استحقبت من ذاكَ الترابِ (٢) |
قليلٌ أن تُقادَ له الغوادي |
|
وتُنحَرَ فيه أعناقُ السحابِ (٣) |
أما شَرِقَ الترابُ بساكنيه |
|
فيلفظهمْ إلى النعم الرغابِ |
فكم غدتِ الضغائنُ وهي سكرى |
|
تديرُ عليهمُ كأسَ المصابِ |
صلاةُ اللهِ تخفقُ كلَّ يوم |
|
على تلكَ المعالمِ والقبابِ |
وإنّي لا أزالُ أكرُّ عزمي |
|
وإن قلّتْ مساعدةُ الصحابِ |
وأخترقُ الرياحَ إلى نسيمٍ |
|
تَطلّعَ من تراب أبي ترابِ |
بودّي أن تطاوعَني الليالي |
|
وينشَبَ في المنى ظفري ونابي |
فأرمي العيسَ نحوكمُ سهاماً |
|
تغلغلُ بين أحشاءِ الروابي |
ترامى باللُّغامِ على طلاها |
|
كما انحدر الغثاء عن العقابِ (٤) |
وأجنُبُ بينها خُرْقَ المذاكي |
|
فأملي باللُّغامِ على اللغابِ (٥) |
لعلّي أن أبلَّ بكم غليلاً |
|
تغلغلَ بين قلبي والحجابِ |
فما لُقياكُمُ إلاّ دليلٌ |
|
على كنزِ الغنيمةِ والثوابِ |
ولي قبرانِ بالزوراءِ أشفي |
|
بقربِهما نزاعي واكتئابي |
__________________
(١) نطف : سال. الصبير : السحاب الذي يصير بعضه فوق بعض. (المؤلف)
(٢) استحقبت : ادّخرت. (المؤلف)
(٣) الغوادي ـ جمع الغادية ـ : وهي السحابة. (المؤلف)
(٤) اللغام : لعاب الإبل. الطلى : العنق. الغثاء : البالي من ورق الشجر المخالط زبد السيل. العقاب ـ جمع عقبة ـ : مرقى صعب من الجبال. (المؤلف)
(٥) أجنُب : أقود. اللغاب : السهم لم يُحسن بريه. (المؤلف)