هذي المنازلُ بالغميمِ فنادِها |
|
واسكبْ سخيَّ العينِ بعد جمادِها |
إن كان دَيْنٌ للمعالمِ فاقضِه |
|
أو مهجةٌ عند الطلولِ ففادِها |
ياهل تَبُلُّ من الغليلِ إليهمُ |
|
إشرافةٌ للركبِ فوق نجادِها |
نُؤيٌ كمنعطف الحنيّةِ دونَهُ |
|
سُحُم الخدودِ لهنّ إرثُ رمادِها |
ومناطُ أطنابٍ ومقعدُ فِتْيةٍ |
|
تخبو زنادُ الحَيّ غيرَ زنادِها |
ومَجَرُّ أرسانِ الجيادِ لِغلمةٍ |
|
سجفوا البيوتَ بشقرِها وورادِها |
ولقد حبستُ على الديارِ عصابةً |
|
مضمومةَ الأيدي إلى أكبادِها |
حسرى تجاوبُ بالبكاءِ عيونُها |
|
وتعطُّ بالزفراتِ في أبرادِها |
وقفوا بها حتى كأنّ مطيَّهمْ |
|
كانت قوائمُهنّ من أوتادِها |
ثمّ انثنتْ والدمعُ ماءُ مزادِها |
|
ولواعجُ الأشجانِ من أزوادِها |
من كلِّ مشتملٍ حمائِلَ رنّةٍ |
|
قطْرُ المدامعِ من حُليِّ نجادِها |
حيّتكَ بل حيّتْ طلوعَكَ ديمةٌ |
|
يشفي سقيمَ الربعِ نفثُ عِهادِها |
وغدتْ عليك من الخمائل يَمنةٌ |
|
تستامُ نافقةً على روّادِها (١) |
هل تطلبونَ من النواظرِ بعدَكم |
|
شيئاً سوى عبراتِها وسُهادِها |
لم يبقَ ذُخرٌ للمدامعِ عنكمُ |
|
كلاّ ولا عينٌ جرى لرقادِها |
شغلَ الدموعَ عن الديارِ بكاؤنا |
|
لبكاءِ فاطمةٍ على أولادِها |
لم يخلُفوها في الشهيدِ وقد رأى |
|
دُفَعَ الفراتِ يُذادُ عن أورادِها (٢) |
أَتُرى دَرَتْ أنّ الحسينَ طريدةٌ |
|
لِقَنا بني الطرداءِ عند ولادِها |
كانت مآتمُ بالعراقِ تعدُّها |
|
أمويَّةٌ بالشام من أعيادِها |
ما راقبتْ غضبَ النبيِّ وقد غدا |
|
زرعُ النبيِّ مظنّةً لحصادِها |
باعتْ بصائرَ دينِها بضلالِها |
|
وشَرَتْ معاطبَ غيِّها برشادِها |
__________________
(١) الخمائل ـ جمع خميلة ـ : القطيفة. اليمنة : بُرد يمني. تستام : تسأل السوم. (المؤلف).
(٢) دُفَع ـ جمع دفعة ـ : دفقة المطر ، استعارها للفرات.