كانتْ يدَ الدينِ الحنيفِ وسيفَهُ |
|
فلأبكِيَنَّ على الأشلِّ الأعزلِ (١) |
مالي رقدتُ وطالبي مستيقظٌ |
|
وغفلتُ والأقدارُ لمّا تغفُلِ |
ولويتُ وجهي عن مصارعِ أُسرتي |
|
حذرَ المنيّةِ والشفارُ تُحَدُّ لي |
قد نمّتِ الدنيا إليَّ بسرِّها |
|
ودُلِلتُ بالماضي على المستقبلِ |
ورأيتُ كيف يطيرُ في لهواتها (٢) |
|
لحمي وإن أنا بعدُ لمّا أُوكل |
وعلمتُ مع طيبِ المحلِّ وخصبِهِ |
|
بتحوّل الجيرانِ كيف تحوّلي |
لم أركبِ الأملَ الغَرورَ مطيّةً |
|
بَلهاءَ لم تبلغْ مدىً بمؤمِّلِ |
ألوى ليمهلني إليَّ زمامُها |
|
ووراءها أُلهوب سَوْقٍ مُعجِلِ (٣) |
حُلمٌ تزخرفُهُ الحنادسُ في الكرى |
|
ويقينُهُ عند الصباحِ المنجلي |
أحصي السنين يسرُّ نفسي طولُها |
|
وقصيرُ ما يُغنيك مثلُ الأطوَلِ |
وإذا مضى يومٌ طرِبتُ إلى غدٍ |
|
وببضعةٍ منّي مضى أو مَفصِلِ |
أُخْشُنْ إذا لاقيتَ يومَكَ أو فَلِنْ |
|
واشدد فإنّكَ ميِّتٌ أو فاحلُلِ |
سيّان عند يدٍ لقبضِ نفوسِنا |
|
ممدودةٍ فمُ ناهشٍ ومقبِّلِ |
سوّى الردى بين الخَصاصةِ والغنى |
|
فإذا الحريصُ هو الذي لم يَعقِلِ (٤) |
والثائرُ العادي على أعدائِهِ |
|
ينقادُ قَوْدَ العاجزِ المتزمِّلِ |
لو فُلَّ غَرْبُ الموتِ عن متدرِّعٍ |
|
بعَفافِهِ أو ناسكٍ مُتعزِّلِ (٥) |
أو واحدِ الحسناتِ غيرَ مشبّةٍ |
|
بأخٍ وفردِ الفضِل غيرَ ممثَّلِ |
أو قائلٍ في الدينِ فَعّالٍ إذا |
|
قال المفقّه فيه ما لم يفعَلِ |
__________________
(١) الأشلّ : الذي شلّت يده. الأعزل : من لم يكن معه سلاح. (المؤلف)
(٢) لهوات : جمع لهاة اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم. (المؤلف)
(٣) الأُلهوب : السوط. الأصل فيه : الجري الشديد الذي يثير اللهب ، واللهب : الغبار الساطع. (المؤلف)
(٤) الخصاصة : الفقر.
(٥) الغرب : الحدّ.