ما كنتُ ـ قبلُ أراكَ تُقبرُ ـ خائفاً |
|
من أن تُوارى هضبةٌ بالجندلِ (١) |
من ثلَّ عرشَكَ واستقادَك خاطماً |
|
فانقدتَ يا قطّاعَ تلك الأحبُلِ (٢) |
من فلَّ غرْبَ حسامِ فيكَ فردّهُ |
|
زُبُراً تساقطُ من يمينِ الصيقلِ (٣) |
قد كنتَ من قُمُص الدجى في جُنّةٍ |
|
لا تُنتحى ومن الحِجا في معقِلِ |
متمنِّعاً بالفضل لا ترنو إلى |
|
مَغناكَ مقلةُ راصدٍ مُتأمِّلِ |
فمنَ ايِّ خرْمٍ أو ثنيّةِ غِرّةٍ |
|
طلعتْ عليكَ يدُ الردى المتوغِّلِ |
ما خلتُ قبلَكَ أنّ خدعةَ قانصٍ |
|
تلِجُ العرينَ وراءَ ليثٍ مُشبلِ |
أو أنّ كفَّ الدهرِ يقوى بطشُها |
|
حتى تُظَفِّر في ذؤابة يذبُلِ (٤) |
كانوا يَروْنَ الفضلَ للمتقد |
|
دم السبّاقِ والنقصانَ في المتقبِّلِ |
قولُ الهوى وشريعةٌ منسوخةٌ |
|
وقضيّةٌ من عادةٍ لم تعدلِ |
حتى نجمتَ فأجمعوا وتبيّنوا |
|
أنّ الأخيرَ مقصِّرٌ بالأوّلِ |
بكرَ النعيُّ فسكَّ فيكَ مسامعي |
|
وأعادَ صبحي جنحَ ليلٍ أليَلِ |
ونزت بنيّاتُ الفؤادِ لصوتِهِ |
|
نزوَ الفصائلِ في زفيرِ المِرجلِ (٥) |
ما كنت أحسبُ والزمانُ مقاتلي |
|
يرمي ويخطئ أنّ يومَك مقتلي |
يومٌ أطلَّ بغُلّةٍ لا يشتفي |
|
منها الهدى وبغُمّةٍ لا تنجلي |
فكأنّه يومُ الوصيِّ مدافعاً |
|
عن حتفِهِ بعد النبيِّ المرسَلِ |
ما إن رأتْ عيناي أكثرَ باكياً |
|
منهُ وأوجعَ رنّةً من مُعولِ |
حُشِدوا على جنباتِ نعشك وُقَّعاً |
|
حشْدَ العطاشِ على شفيرِ المنهلِ |
وتنازفوا الدمعَ الغريبَ كأنّما ال |
|
إسلامُ قبلَك أُمُّه لم تثكلِ |
__________________
(١) الهضبة : الجبل المنبسط أو الطويل الممتنع المنفرد. الجندل : الصخرة. (المؤلف)
(٢) الخاطم : واضع الخطام بالأنف. (المؤلف)
(٣) [غرْب الحسام : حدّه] زبر ـ جمع زبرة ـ : القطعة من الحديد. (المؤلف)
(٤) الذؤابة : الناصية. يَذْبل ـ بالفتح ثمّ السكون ـ : جبل بنجد ، في طريقها. (المؤلف)
(٥) الفصائل ـ جمع فصيلة ـ : القطعة من لحم الأفخاذ. المرجل : القدر. (المؤلف)