وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم وإنى والله ما تمسكون على بشىء إنى لم أحل إلا ما أحل القرآن ولم أحرم إلا ما حرم القرآن» فلما فرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من كلامه قال له أبو بكر رضى الله تعالى عنه يا نبى الله أراك قد أصبحت بنعمة منه وفضل كما تحب واليوم يوم ابنة خارجة أفآتيها؟ قال : نعم. ثم دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وخرج أبو بكر رضى الله عنه إلى أهله بالسيح وخرج على رضى الله تعالى عنه من عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال المسلمون : يا أبا الحسن ، كيف أصبح رسول الله صلىاللهعليهوسلم (ق ١٩٦) قال أصبح بحمد الله تعالى باريا. قال : فأخذ العباس بيده ثم قال يا على أنت والله عبد العصى بعد ثلاث أحلف بالله لقد عرفت الموت فى وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما كنت أعرفه فى وجوه بنى عبد المطلب فانطلق بنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإن كان هذا الأمر فينا عرفناه وإن كان فى غيرنا امرناه فأوصى بنا الناس فقال والله لا أفعل والله لئن منعناه لا يؤتيناه أحد بعده ، فتوفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين اشتد الضحى من ذلك اليوم ، قيل إن الصلاة التى صلاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو جالس عن يمين أبى بكر رضى الله تعالى عنه صلاة الظهر قاله ابن وضاح (١) وأبو عبد الله بن عتاب.
وذكر ابن الجوزى أن جبريل عليهالسلام أتى النبى صلىاللهعليهوسلم قبل موته بثلاثة أيام فقال يا أحمد إن الله تعالى أرسلنى إليك يسألك عما هو اعلم به منك ، يقول : كيف تجدك فقال : أجدنى (ق ١٩٧) يا جبريل مغموما وأجدنى يا جبريل مكروبا وأتاه فى اليوم الثانى فأعاد السؤال فثنى الجواب. ثم اليوم الثالث مثل ذلك وهو يجيب كذلك فإذا ملك الموت يستأذن فقال : يا أحمد هذا ملك الموت يستأذن عليك ولم يستأذن على آدمى قبلك ولا يستأذن على آدمى بعدك فقال ائذن له فدخل فوقف بين يديه فقال إن الله تعالى أرسلنى إليك وأمرنى أن أطيعك فإن امرتنى أن اقبض نفسك قبضتها وإن أمرتنى أن أتركها تركتها.
__________________
(١) هو محمد بن وضاح بن بزيع مولى الأندلس عبد الرحمن بن معاوية الأموى هو الحافظ الكبير أبو عبد الله القرطبى ولد سنة ٢٠٠ ه كان عالما بالحديث بصيرا بطرقه وعلله ورعا زاهدا متعففا صبورا على نشر العلم وله خطأ كثير وغلط وتصحيف ولا علم له بالفقه ولا بالعربية ، مات سنة ٢٨٩ ه.