كان عكس ما حجره وجعله من الناحية الشرقية والصق الدرابزين بالحجرة مما يلى الروضة لكان أخف إذ الناحية الشرقية ليست بها الروضة ولا من المسجد القديم بل مما زيد فى أيام الوليد ثم قال : ولم يبلغنى أن أحدا انكر ذلك ولا ألقى إليه بالا وهذا من أهم ما ينظر فيه ، وكان بالدرابزين الذى عمله الملك الظاهر نحو القامتين. فلما كان فى تاريخ سنة أربع وتسعين وستمائة زاد عليه الملك العادل زين الدين كتبغا شباكا دائرا عليه ورفعه حتى أوصله السقف.
قال رحمهالله تعالى مما أحدث فى صحن المسجد الشريف قبة كثيرة عمرها الإمام الناصر لدين الله تعالى فى سنة سبعين وخمسمائة لحفظ حواصل الحرم وذخائره مثل المصحف العثمانى ولما احترق المسجد بقى ما فيها ببركة المصحف الكريم ولكونها فى وسط المسجد ، ومما أحدث أيضا فى الصحن من جهة القبلة رواقان أمر بإنشائهما السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون فى سنة تسع وعشرين وسبعمائة فاتسع ظل السقف القبلى بهما وعم نفعهما وهما المقوس أعلاهما وأزيلت المقصورة التى كانت تطل الحجرة الشريفة للاستغناء عنها بهما ، وكان فى إزالتها أمام الشريفة شرف الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن أحمد الأسيوطى وذلك أنه كان يجتمع فيها أهل البدع ، وكانت لهم كالمتجهد فاجتهدوا فى ازالتها وهدمها ليلا وأدخلها (ق ٢٢٥) فى الحجرة الشريفة وذلك فى أواخر سنة ثمان وعشرين وسبعمائة وتوفى رحمهالله تعالى يوم الرابع والعشرين من صفر سنة خمس وأربعين وسبعمائة.
قال الحافظ محب الدين : واعلم أن فى سنة ثمان وأربعين وخمسمائة سمعوا صوت هذه الحجرة المقدسة وكان الأمير يومئذ قاسم بن مهنا الحسينى فأخبروه بالحال فقال ينبغى أن ينزل شخص لينظر ما هذه الهدة فلم يجدوا أمثل حالا من الشيخ عمر النسائى شيخ شيوخ الصوفية بالموصل فاعتذر لمرض كان به يحتاج إلى الوضوء فى غالب الأوقات فالزموه فامتنع من الأكل والشرب مدة.