الزائرين يخصون بشفاعة لا تحصل لغيرهم عموما ولا خصوصا. وإما أن يكون المراد أنهم يفردون بشفاعة بما يحصل لغيرهم ، ويكون أفرادهم بذلك تشريفا وتنويها بهم بسبب الزيارة. وإما أن يكون المراد أنه ببركة الزيارة يجب دخوله فى عموم من تناله الشفاعة وفائدة ذلك البشرى بأنه يموت مسلما ، وعلى هذا التقرير الثالث يجب إجراء اللفظ على عمومه لأنا لو (ق ٢٣١) أضمرنا فيه شرط الوفاة على الإسلام لم يكن لذكر الزيارة معنى لأن الإسلام وحده كان يقبل هذه الشفاعة وعلى التقديرين الأولين يصح هذا الإضمار ، فالحاصل أن أثر الزيارة إما للوفاة على الإسلام مطلقا لكل زائر وكفى بها نعمة وإما شفاعة خاصة بالزائر أخص من الشفاعة العامة للمسلمين. وقوله «شفاعتى» فى الإضافة إليه تشريف لها فإن الملائكة والأنبياء والمؤمنين يشفعون والزائر لقبره صلىاللهعليهوسلم له نسبة خاصة منه يشفع فيه هو بنفسه ، والشفاعة تعظم بعظم الشافع فكما أن النبى صلىاللهعليهوسلم أفضل من غيره كذلك شفاعته أفضل من شفاعة غيره. انتهى كلام السبكى.
ومنها أن نبينا صلىاللهعليهوسلم أحياه الله تعالى بعد موته حياة تامة واستمرت تلك الحياة إلى الآن وهى مستمرة إلى يوم القيامة إن شاء الله تعالى ويشاركه فى ذلك الأنبياء عليهمالسلام والدليل على ذلك (ق ٢٣٢) أمور :
أحدها : قوله تعالى (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)(١).
والشهادة حاصلة له صلىاللهعليهوسلم على أتم الوجوه لأنه شهيد الشهداء ، قال الله تعالى (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)(٢) وان من توهم أن ذلك من خصائص القتل فقد حصل له ذلك أيضا من أكلة خيبر صرح ابن عباس وابن مسعود وغيرهما بأنه صلىاللهعليهوسلم مات شهيدا.
__________________
(١) ١٦٩ م آل عمران ٣.
(٢) ١٤٣ م البقرة ٢.