قال مالك : بين أبعد العوالى والمدينة ثلاثة أميال وذكر ابن زبالة (١) فى تاريخ عدة ابار المدينة وسماها فى دور الأنصار ونقل أن النبى صلىاللهعليهوسلم أتاها وتوضأ من بعضها وشرب منها لا يعرف اليوم منها شىء قال الشيخ لجمال الدين ومن جملة ما ذكر آبار فى الحرة الغربية فى آخر منزله المنقمى على يسار السالك النوم على بئر المحرم وعلى جانبها الشمالى بناء مستطيل مجصص يقال لها السقيا كانت لسعد بن أبى وقاص تقدم ذكرها نقل أن النبى صلىاللهعليهوسلم عرض جيش بدر بالسقيا وصلى فى مسجدها ودعا هناك لأهل المدينة أن يبارك لهم فى مدهم وصاعهم وأن يأتيهم بالرزق من ههنا وههنا وشرب النبى صلىاللهعليهوسلم من بئرها ويقال لأرضها السقلحان ، وهى اليوم معطلة خراب وهى بئر كبيرة ملحة منقورة فى الجبل وقيل إن السقيا عين من طرف الحرة بينها وبين المدينة يومان كذا فى كتاب أبى داود.
ونقل الحافظ عبد الغنى (٢) أن النبى صلىاللهعليهوسلم عرض جيشه على بئر (ق ٥٤) أبى عيينة بالحرة فوق هذه البئر إلى المغرب ونقل أنها على ميل من المدينة ومنها بئر أخرى إذا وقفت على هذه المذكورة وأنت على جادة الطريق وهى على يسارك كانت هذه على يمينك ولكنها بعيدة عن الطريق قليلا ، وهى فى سند من الحرة قد حوط عليها بناء مجصص وكان على شفيرها حوض من الحجارة تكسر ، لم يزل أهل المدينة قديما يتبركون بها ويشربون من مائها وينقل إلى الآفاق منها كما ينقل من ماء زمزم ويسمونها زمزم أيضا لبركتها.
__________________
(١) هو محمد بن الحسن بن زبالة ويقال لجده أبو الحسن مخزومى مدنى ، روى عن مالك وسليمان بن بلال وإبراهيم بن على الرافعى ، وأسامة بن زيد بن أسلم ، وحاتم بن إسماعيل ، وداود بن مسكين وزكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع ، وسبرة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة ، وعبد الله بن عمر بن القاسم ، وعبد الرحمن بن أبى الرجال ، ومحمد بن جعفر بن أبى كثير ، ومطرف بن مازن ، ثقة.
(٢) هو عبد الغنى بن عبد الواحد بن على بن سرور بن رافع أبو محمد المقدسى الجماعيلى ثم الدمشقى الصالحى الحنبلى صاحب التصانيف ، ولد سنة ٥٤١ ه وسمع ابن البطى وأبا موسى المدينى والسلفى.
روى عنه ابن خليل وابن عبد الدائم ومحمد بن مهلهل الحسينى ، صنف فى الحديث كتبا منها المصباح ، ونهاية المراد والكمال والعمدة وغير ذلك ، مات سنة ٦٠٠ ه.