ثم قال رحمهالله تعالى : واعلم أن المسجد الشريف فى دار بنى غنم بن مالك بن النجار وكان مريدا للتمر لسهل وسهيل ابنى رافع بن عمرو بن مالك بن النجار وكانا غلامين يتيمين فى حجر أسعد بن زرارة فدعى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا : بل نهبه لك يا رسول الله فأبى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يقبله منهما هبة حتى ابتاع منهما وبناه. وقيل لم يأخذا له ثمنا وقيل اشتراه من بنى عفراء بعشرة دنانير ذهبا ودفعها عنه أبو بكر رضى الله تعالى عنه وكانت دار بنى النجار أوسط دور الأنصار وأفضلها ، وبنو النجار أخوال عبد المطلب بن هاشم جد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والنجارهم اللات بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج وهم بطون كثيرة سمى بالنجار لانه اختتن بالقدوم وقد صح عن النبى صلىاللهعليهوسلم انه قال : «خير دور الانصار دور بنى النجار».
وعن أنس رضى الله تعالى عنه أن النبى صلىاللهعليهوسلم (ق ٨٤) لما أخذ المربد من بنى النجار وكان فيه نخل وقبور المشركين وخرب فأمر النبى صلىاللهعليهوسلم بالنخل فقطع وبقبور المشركين فنبشت وبالخرب فسويت ، قال صفوا النخل قبلة له واجعلوا عضادتيه حجارة ، وطفق رسول الله صلىاللهعليهوسلم ينقل معهم اللبن فى بنيانه وبنى صلىاللهعليهوسلم مسجده مربعا وجعل قبلته الى بيت المقدس وطوله سبعون ذراعا فى عرض شبرا وأزيد وجعل له ثلاثة أبواب ، وجعلوا ساريتى المسجد من الحجارة وبنوا باقيه باللبن.
وفى الصحيحين كان جدار المسجد كادت الشاة تجوزه.
وقالت عائشة رضى الله تعالى عنها : كان طول جدار المسجد بسطة وكان عرض الحائط لبنة لبنة ثم إن المسلمين كثروا فبنوه لبنة ونصفا ثم قالوا : يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فظلل قال : نعم ، فأقيم له سوارى من جذوع النخل شقة شقة ثم طرحت عليها العوارض والحصف والأجر وجعل وسط رحبة فأصابتهم الأمطار فجعل المسجد يكف بهم فقالوا : يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فظلل فقام لهم (ق ٨٥) عريش كعريش موسى تمام وخشيبات نعم فنعمل والأمر أعجل من ذلك فلم يزل كذلك حتى قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويقال إن عريش موسى عليهالسلام كان إذا قام به أصاب رأسه السقف.