وليس هناك علم أكثر ملائمة لهم من علم التواريخ في أوقات الانبساط والراحة.
فصل في ذكر البلدان
نذكر في هذا الفصل البلدان المشهورة ، والنواحي في الربع المعمور من العالم : بلاد الزنج التي تدعى زنجبار (١) ، واعظم مدنها تدعى سفالة (٢) الزنج وقنبله ؛ بلاد السودان وهي في انتهاء عمارة أقصى المغرب وأكبر مدنها يقال لها غانه ؛ بلاد اليمن ومدنها العظيمة هي صنعاء [١٨] وعدن ونجران ؛ بلاد الهند ، وفي هذه البلاد كثير من المدن الكبيرة ، يقال للواحدة منها نرسي ، حتى إن السلطان محمودا عندما شنّ الغارة على هذه المدينة بمائة ألف فارس ، لم يتمكن جيشه منذ الفجر حتى وقت الظهر ، إلا من نهب سوق العطارين في المدينة ، ولم يكن باقي أهل المدينة يعلمون بذلك ، ثم خرج الجيش منها وخاف أن يظل فيها ، وقيل إن هذه الغارة شنّها الأمير أحمد بن ينالتكين ، الذي كان طليعة الجيش (٣).
ومن مدنها الأخرى نهروالة التي قيل إن أفيالا كثيرة تحمل منها في كل يوم ثياب الغسالين إلى الصحراء ؛ بلاد الصين ، ومدينتها الكبيرة سنقو (٤) ؛ بلاد الإسكندرية ؛ بلاد مصر ؛ بلاد البوارج (٥) ؛ بلاد السند ؛ بلاد تركستان ؛ بلاد البربر ؛ بلاد إفريقية ؛
__________________
(١) جزيرة مرجانية في المحيط الهندي تؤلف مع تنغانيقا دولة تنزانيا.
(٢) ميناء بموزمبيق الحالية ولم يتغير اسمه عبر القرون.
(٣) في الكامل في التاريخ حوادث ٤٢١ ه أن الذي شن الغارة هذه كان أحمد بن ينالتكين بمائة ألف فارس ، ثم ذكر شيئا من التفاصيل المذكورة هنا (٨ / ١٨٦).
(٤) يمكن أن تكون الكلمة خنفو وصحّفت إلى الشكل أعلاه ، وهي خانفو التي قال عنها أبو الفداء (ص ٣٦٤) بقوله : «خانفو المعروفة في زماننا بالخنساء» ، وقد وصفها معاصره رشيد الدين (تاريخ جين ، ٨٠) بقوله : «مدينة في غاية السعة تدعى الخنساء قطرها من السور إلى السور عشرة فراسخ ... ونادرا ما يعرف أهل المدينة بعضهم بعضا بسبب كثرة عددهم». وتقول وانغ إي دان : إن اسم المدينة الحالي هوHangzhou وكانت مقر دولة سونغ الجنوبية (١١٢٧ ـ ١٢٧٩ م) (تاريخ جين ، ١٦٦).
(٥) في الأصل البوازيج. ولورودها قبل السّند ارتأينا أنها البوارج المذكورة في القانون المسعودي (٢ / ٥٥٢).