وسبعون» والعكس صحيح ، وما شابه ذلك. ومن العسير جدا ـ إن لم نقل من المستحيل ـ أن يسهو قلم الناسخ فيكتب سنة «تسع وتسعون» بدلا من «ثلاثة وتسعون» ليقال بعدها إن الرجل ولد سنة ٤٩٣ ه كما ارتأى ذلك السيد محمد مشكاة ومن تابعه ، فلا وجه لشبه إطلاقا في رسم الخط بين «تسع» و «ثلاث».
٣. استنادا إلى الجداول التاريخية (١) فإنه حدث أن صادف يوم السبت ، يوم التاسع عشر من شعبان وذلك في سنة ٤٩٠ ه ، وهي السنة التي تتفق وكلام فصيح الخوافي الذي نقلناه آنفا من أن البيهقي كان له من العمر أربعة وخمسون عاما في سنة ٥٤٤ ه.
متى انتهى البيهقي من تأليف كتابه؟
نقرأ في ختام مخطوطات تاريخ بيهق قول مؤلفه : «وفرغ المصنف (رحمهالله) من نسخ هذا الكتاب في الرابع من شوال سنة ثلاث وستين وخمس مئة بقرية ششتمد».
ولكن لدينا تواريخ أخرى دالة على أن الكتاب ألف في فترة متقدمة على هذا التاريخ ، وكان المؤلف يضيف إلى مخطوطته وقائع تاريخية مستجدة وتواريخ وفيات بعض معاصريه. ففضلا عن قول المؤرخ فصيح في مجمله والذي ذكرناه فيما مضى من أن البيهقي أتم تاريخ بيهق في محرم سنة ٥٤٤ عند ما كان له من العمر أربعة وخمسون عاما ، نجد المؤلف نفسه يقول في أول الكتاب (ص ٢١) : «من عجائب بغداد أنه لم يمت فيها خليفة إلا المقتفي الذي توفي في هذه الأيام». والمعلوم أن وفاة المقتفي لأمر الله حدثت في ٢ ربيع الأول سنة ٥٥٥ ه (٢). بل إنه يتحدث بلغة الماضي عن خلافة المقتفي عند ما يذكر موفق الدين البيهقي فيقول إنه كان عميد بغداد خلال خلافة المقتفي لأمر
__________________
(١) التوفيقات الإلهامية ، ١ / ٥٢٢.
(٢) تاريخ دولة آل سلجوق ، ٢٦٦. نقرأ في تاريخ بيهق (ص ٤١): «في سنة خمس وخمسين وخمس مئة وصل (إلى بيهق) من حدود يوزكند علماء وهم في طريقهم لأداء فريضة الحج ...».