اتصل بخدمة تاج الملك (١) بأصفهان ، وكانت الوزارة قد أعطيت له بعد مقتل نظام الملك.
وقد ابتلي أصحاب القلاع (٢) في تلك الأيام بالقتل والإحراق ، فحدث أن رأى الحكيم المعموريّ هذا في قياس طالعه ، أن التسيير من درجة الطالع والهيلاج والكدخداه قد وصل كل منها إلى ثلاثة قواطع ، حيث اتصلت [بجرم نحس وشعاع نحس ، فخاف ذلك الاتصال (٣) ، فخرج من دار السلطان وكان فيها محترما مكفيّ المؤونة] ودخل دار صديق له وانزوى في زاوية بيته ، بمكان مظلم مبالغة في الاحتياط والحذر.
فلما أخذ الغوغاء أصحاب القلاع ، علت النساء السطوح للنظر ، فعثرت عليه امرأة على سطح ذلك البيت الذي كان فيه مختبأ فصاحت إن احد أصحاب القلاع في هذا البيت ـ لأنه لم يكن أحد يختبأ في تلك الأيام إلا من كان من أفراد هذه الطائفة ـ فهجم الغوغاء على الدار وقتلوه ، فوصل الخبر إلى تاج الملك الذي جاء مع أئمة أصفهان [٢٣٤] وصلّوا عليه ، وأقاموا مجلسا للعزاء.
__________________
(١) تاج الملك أبو الغنائم مرزبان بن خسرو ، وزر للسلطان ملك شاه ثم لابنه محمود ، وذلك بعد مقتل نظام الملك ، لم تطل وزارته إذ قتل بعد أربعة أشهر من تسنمه لها في ٤٨٦ ه (سير أعلام النبلاء ، ١٩ / ١٠٠ ـ ١٠١).
(٢) هم الإسماعيلية. أما النص الآتي الموضوع بين عضادتين فقد اقتبسناه من ترجمته الواردة في تاريخ حكماء الإسلام (ص ١٦٤) لإكمال المعنى.
(٣) بحسب مصطلحات المنجمين فإن التسيير هو استخراج الدرجة من دليل الأصطرلاب لمعرفة الطالع النحس من السعد. وفي المدخل إلى علم أحكام النجوم (الورقة ١٦٢ أ): «الهيلاج اسم المرأة ، والكدخداه اسم الزوج ... والهيلاج يعني الكدخداهية على العمر ، ومن له الهيلاج والكدخداه فإن عمره على مقدار قوة الكدخداه في الفلك». واستنادا إلى المنجمين فإن القواطع هي أجرام نحس ، وعليه فإن اجتماع ثلاثة منها متصلة بشعاع نحس كما في حالة المعموري أعلاه هو الذي أدّى به إلى الهلع والإحساس بالخطر على عمره.